مجلة ايفرست الادبيةpng
...

مجلة ايفرست

مجلة ايفرست الأدبية

كاتب متألق يتمتع بأسلوب فلسفي فريد و متميز في الكتابة، انه الكاتب(هشام فرجي) و حواره الصحفي داخل مجلة إيڤرست الأدبية 

حوار: ملك أحمد نصار 

 

يمتلك رؤية فريدة و مهارة عليا في الكتابة كما أن لديه خبرة واسعه في مجال الكتابة، يقدم لنا الكاتب(هشام فرجي) الكثير من الابداع و نحن واثقون من أن مقالته ستثير اهتمامكم و تقديم رؤى قيمة حول الموضوع

 

 

سيرة ذاتية – هشام فرجي

هشام فرجي، كاتب وباحث ومربي، وُلد عام 1978، عاشق للكلمة والبحث عن معنى الوجود بين السطور. نشأ في بيئة غنية بالعلم والثقافة، حيث كان والده رحمه الله فقيهًا وضليعًا في اللغة العربية، تلقى على يديه علوم النحو والبلاغة مباشرة، ليغرس في روحه حب اللغة والكتابة منذ الصغر. وقد كان لذلك أثر بالغ في تشكيل وعيه الأدبي والفكري، ومنحه أسسًا صلبة لفهم الإنسان ومجتمعه.

جمع هشام فرجي بين شغفه بالرياضيات منذ نعومة أظافره وفتنة الفلسفة والكتابة التي رافقته طوال حياته، ليخلق عالمًا أدبيًا يمزج بين الفكر العميق والوجدان الرقيق. إذ ينظر إلى الكتابة كحوار مع الذات أولًا، ثم كنافذة للآخرين ليطلوا من خلالها على أعماق التجربة الإنسانية.

صدرت له عدة أعمال أدبية وفكرية، آخرها كتاب » أقلام من ذهب « عرض بالمعرض الدولي للكتاب 2025، تناولت موضوعات الإنسان، الحياة، الألم، الجمال، والفلسفة اليومية، بأسلوب شاعري وتأملي. خصص في كتاباته مساحة متميزة لتأملاته حول الأم، حيث رأى فيها نبض الحياة وسر الإلهام الأول، وقد حظيت مقالاته حول هذا الموضوع بنشر واسع في العالم العربي.

شارك هشام فرجي في العديد من الفعاليات الثقافية والمعارض الدولية، وكان له حضور ملموس في معرض القاهرة الدولي للكتاب، حيث عرض أعماله وحظيت بتقدير واسع من القراء والنقاد. إضافة إلى ذلك، كتب مقالات نقدية وفكرية في مجلات ومؤسسات ثقافية عربية، وسعى دائمًا إلى بناء جسر بين الفكر والأدب والتجربة الإنسانية، مع التركيز على تطوير أصوات جديدة في المشهد الأدبي العربي.

وتتميز كتاباته بالعمق الفلسفي والشفافية العاطفية، حيث يجمع بين بساطة اللغة وغنى المعنى، ليمنح القارئ تجربة تأملية فريدة، تعكس رؤيته بأن الكلمة هي أداة لبناء الجسور بين القلوب والعقول، وأن الأدب سبيل لفهم الذات والآخر، والكتابة طريق للتأمل في معنى الحياة.

 

افتح لنا نافذة على عالمك الخاص وعرّفنا بنفسك؟

أنا رجل يتتبع أثره بين الكلمات، يحمل اسمًا قد يشي بالبساطة: هشام فرجي، المولود عام 1978، لكنه في جوهره نتاج رحلة طويلة بين دفاتر الحياة وصفحاتها. وإنني لم أُولد لأكون شاهدًا فحسب، وإنما لأكتب ولأتنفس عبر الحرف، وكأن اللغة قدرٌ كُتب عليّ منذ بداية نشأتي.

قد يبدو عالمي للآخرين هادئًا بسيطًا، لكنه في عمقه بحر تتلاطم فيه التيارات: من الرياضيات التي أسرتني طفلاً، إلى الفلسفة التي اختطفتني شابًا، وصولًا إلى الكتابة التي صارت ظلي الوفيّ الذي لا يغادرني.

أتأرجح بين أدواري كمربٍ ومدبر وباحث وكاتب، لكن خلف كل هذه الألقاب، يظلّ جوهري هو إنسان يتلمّس الطريق إلى ذاته عبر أسئلة وجودية ملحّة، ويحاول أن يصوغها بلغة تمنح الآخرين مرآةً يتأملون فيها أرواحهم أيضًا.

 

كيف تختار موضوعاتك الأدبية؟

لستُ أنا من يختار موضوعاته بوعيٍ متكامل؛ وإنما هي التي تتسلل إليّ كما تتسلل الريح من بين شقوق النوافذ. أحيانًا يكفي أن تلتقط عيني مشهدًا عابرًا في الطريق، أو أن تلامس أذني كلمة وُلدت في لحظة صدق، لتتحول تلك الومضة العابرة إلى بذرة نصّ تستوطن داخلي وتفرض عليّ نموّها.

فموضوعاتي هي ابنة الإنسان: تشكل ضعفه وقوته، وتصف فرحه وانكساره، وتجسد دمعته الخفيّة وضحكته العابرة. وقد تنبع أحيانًا من ذاكرةٍ بعيدة ظلّت تنبض داخلي حينا من الزمن رغم غبار السنين، أو من حلمٍ قصير يمرّ بي في ليل طويل كأنّه رسالة خفيّة من مجهول.

إذن الكتابة عندي لا اعتبرها مشروعًا مدروسًا بقدر ما اعتبرها استسلاما لنداء داخلي لا أملك مقاومته؛ حيث إنّها أشبه بنبوءةٍ صغيرة تفرض حضورها، فأجدني أكتبها وكأنّني أُعيد اكتشاف ذاتي من جديد.

 

ما هي مصادر إلهامك الأساسية؟

إلهامي الأكبر هو الإنسان في لحظاته العارية من التصنّع؛ حين يضحك بعفوية كطفلٍ لا يخشى انكشافه، أو حين ينهار بصمت كجبلٍ توارى داخله الصدى. هناك أجد شرارة النصّ وصدق الحرف.

أستلهم الكثير من أمي، فهي نبض قلبي وسر دهشتي الأولى بالحياة، وأثرها ما ينير داخلي ويلهمني . وقد خصصتها بمقالة فريدة ومتميزة بعنوان: “قوس قزح الحياة: الأم بين نسمات الأوكسجين وسخاء الماء”، نُشرت على نطاق واسع في العالم العربي خصوصا ضمن كتابي “أفلام من ذهب” . كانت تلك المقالة بمثابة اعتراف صريح بأن الأم هي الكائن الذي يمدني بأسباب الحياة والكتابة معًا.

كما أستمدّ من طفولتي تلك البراءة الضائعة في زحمة الأيام، إذ ما تزال تفتح أمامي نوافذ تُطلّ على عالمٍ أنقى مما نحن فيه. وألهمتني الكتب التي عبرت حياتي، كل منها ترك في روحي ندبة من فكر أو شغف. وأستلهم من الطبيعة ومن تأملي في آياتها وحكمتها البسيطة العميقة: أن كل شيء يولد ثم يذبل، ليترك مجالًا لولادة أخرى. وحتى الألم عندي لا أحسبه لعنة أ نقمة ، وإنما أعده منبع إلهام، إذ كثيرًا ما تولد أجمل الكلمات من رحم المعاناة.

 

كيف تصف أسلوبك في الكتابة؟

أما بخصوص أسلوبي فهو مزيج بين البساطة والعمق؛ أحرص أن تصل كلماتي إلى القارئ بانسياب وسهولة، لكنها تحمل في طياتها مستويات متعددة من المعاني، إذ تتيح لكل قارئ أن يقرأ النص بطريقته الخاصة وحسب مستواه الفكري. فأكتب وكأنني أحاور نفسي أولاً، ثم أترك الباب مفتوحًا أمام القارئ ليقترب من عالمي، دون أن أفرض عليه مسارًا واحدًا للفهم.

أما النبرة الشعرية التي تميز وتسكن كتابتي حتى في النثر، فأنا أؤمن أن اللغة حين تفقد إحساسها، تفقد أجمل ما فيها. إذ أجدني أحيانًا أكتب كما لو كنت أرسم لوحة ألوانها الحروف وظلالها المعاني، وأحيانًا أخرى كما لو كنت أضع معادلة تحاول فكّ ألغاز الوجود. لكن هدفي الأول يظل دائمًا واحدًا: أن أجعل الكلمة تنبض بالحياة، وأن تكون قادرة على لمس القلب قبل العقل.

 

ما هو الكتاب الذي ترك أثراً كبيراً في حياتك؟

هناك كتب لا تمرّ بك كغيرها من الكتب مرور الكرام، بل تنغرس في روحك وتعيد تشكيل ملامحك الفكرية والوجدانية. من بين هذه الكتب، تأتي مقدمة ابن خلدون، التي لم تكن بالنسبة إليّ مجرد نصّ تأريخي، وإنما كانت نافذة كونية جعلتني أرى حركة العمران البشري بعيون فيلسوف يقرأ علل الأشياء قبل نتائجها. فعلّمتني كيف يتنفس التاريخ، وكيف تكتب المجتمعات مصائرها على جسد الزمن.

أما المعري، فقد كان رفيق تأملاتي الوجودية؛ فنزوعه الفلسفي العميق فتح أمامي أبوابًا من الأسئلة التي ما زلت أطرقها إلى اليوم، وجعلني أوقن أن الفكر الحقيقي هو ذاك الذي يُربكك ليوقظك.

ولا أنسى طه حسين، الذي جسّد في وجداني معنى الإرادة حين تتحالف مع العقل؛ فقد علّمني أن الكلمة حين تصدر من صدق داخلي تتحول إلى مفتاح يفتح الأبواب المغلقة، وأن العمى لا يُقصي البصيرة وإنما يضاعف ضوءها.

أما المتنبي، فقد كان معلمي في كبرياء اللغة، وأستاذي في صرامة الكلمة؛ علّمني أن الشعر هو سيف قد يفوق الحديد مضاءً، وأن الكلمة حين تُصاغ بمهارة تحمل في داخلها قوة أمة بأكملها.

هذه الكتب وهذه القراءات كانت مدرسة داخلية؛ وتربية وجدانية وصقلًا للعقل، جعلتني أكتب اليوم وفي داخلي شيء من ابن خلدون، ونفس من المعري، وإرادة من طه حسين، وعزة من المتنبي.

وأحسبني، وأنا أكتب الآن، أحاول أن أردّ للدنيا دينها: أن أترك أثرًا في قرّائي كما ترك هؤلاء الكبار أثرهم فيّ.

 

كيف تتعامل مع النقد الأدبي؟

أرى النقد كمرآة متقلبة الملامح؛ تارةً تعكس صورتي بصفاء الماء، فأبصر ذاتي بوضوح لم أعهده من قبل، وتارةً يعلوها غبشُ الأحكام المسبقة، فلا أرى فيها إلا انعكاس الناقد نفسه. إذ أستقبل النقد بهدوء، فإن كان بنّاءً تلقيته بمحبة، لأنه يفتح أمامي نوافذ جديدة على نصوصي، ويعلّمني أن أقرأ كلماتي بعين غير عيني. وإن كان جارحًا أو متعسّفًا، قبلته كتمرينٍ على الصبر وصلابة الروح، فالألم أحيانًا مدرسة لا تقل شأنًا عن الثناء.

وحقيقة فانا أدرك جيدا أن النص، ما إن يُكتب، لا يعود ملكي وحدي؛ إنه يغادرني ليصير جزءًا من القارئ، يقرؤه كما يشاء، ويحمّله ما يشاء من المعاني. ومن هنا، يصبح النقد امتدادًا للنص، وليس نهاية وخاتمة له، كما يصبح حوارًا آخر يولد من بين سطوره، وحوارًا لا ينتهي بين الكاتب والعالم.

والنقد في جوهره إنما أعده ريحا تهزّ شجرة النص؛ فإن كان صادقًا أسقط أوراقها اليابسة لتتنفس أغصانها حياةً جديدة، وإن كان عاصفًا ظلّت الجذور ثابتة، تستمد قوتها من الأرض التي أنبتتها

 

 

ما هي التحديات التي واجهتها أثناء كتابة كتبك؟

أكبر تحدٍّ واجهته هو الوقت؛ أن تقتطع لحظة صفاء من زحمة المسؤوليات المهنية والعائلية لتجلس مع نفسك وتكتب. فالكتابة تحتاج إلى عزلة داخلية، والعزلة في زمن الرقمنة والتكنولوجيا ليست سهلة، لكنها ممكنة إذا عرف الكاتب كيف يخلق عالمه الخاص حتى في أصغر اللحظات.

وأغلب كتاباتي ولدت في مقهى أعتاد زيارته، حيث أجلس في زاوية شبه معزولة وأحاور فنجان قهوتي السوداء التي أدمنت رشفاتها. ذلك الفنجان هو رفيق صامت يشاركني طقوس الكتابة؛ أفرغ له همومي وأسراري، فيسقط الكلام على الورق كما تتساقط قطرات المطر على أرض عطشى، فيرويها لغةً وصدقًا.

وهناك تحدٍّ أعمق من الوقت أو المكان، وهو مواجهة الذات بلا أقنعة وبلا تصنع، حيث تضع ما يوجعك على الورق بلا رتوش، وتترك القارئ يقترب من هشاشتك عبر نصوصك. إذن هي طقس سحري: رحلة نحو الصدق المطلق، ورحلة يلتقي فيها الكاتب مع روحه، قبل أن يلتقي القارئ بعالمه الداخلي.

 

كيف ترى دور الكتابة في المجتمع؟

أعتبر الكتابة كواد دائم الجريان، هي ذلك النبع الصامت الذي لا ينضب، يروي العقول والقلوب إذا أحسنّا الاستماع إليه. كما أنها فعل مقاومة ضد النسيان، وسلاح ضد السطحية، ومرايا نرى فيها أنفسنا، أحلامنا، ومخاوفنا.

تفتح الكتابة داخل المجتمع أبواب الحوار، وتطرح الأسئلة التي لا يجرؤ الآخرون على طرحها، وتخلق مساحات للتفكير الأعمق وفهم أوسع. |إذ إنها تحفظ الذاكرة الإنسانية، وتصنع جسورًا بين الماضي والحاضر، وتترك بصمة لمن سيأتي بعدنا، كأنها رسائل مرسومة على جدران الزمن.

فالكتابة إذن هي حياة تُنقل، وتجربة يُشاركها الإنسان مع إنسان آخر، لتكون قوة خفية قادرة على التأثير، على الإيقاظ، على التغيير، وعلى إشعال بريق الفكر في أجيال لم تولد بعد.

ما هي الرسالة التي تود إيصالها من خلال كتاباتك؟

أما بالنسبة لرسالتي من خلال كتاباتي فهي أولا نبض حياة أجعله بين سطوري. حيث أريد للإنسان أن يرى في نصوصي أنه قادر على خلق معنى لوجوده مهما كثرت الظلال، وأن الألم ليس نهاية الطريق، وإنما هو جزء من رحلة التعلم والنمو.

وثانيا أسعى لأن يلتقط القارئ في نصوصي صدى معاناته وأمله معًا، وأن يشعر بأن الجمال يمكن أن يولد من رحم المعاناة، وأن الفرح ممكن حتى وسط العتمة.فأحاول أن أصنع مساحة للتأمل الصادق، ونافذة صغيرة تطل على الحقيقة الإنسانية بصدقها وهشاشتها، حيث يمكن للقارئ أن يجد فيها ملاذًا أو إلهامًا، دون أن أفرض عليه معنى واحدًا.

وهذه الرسالة، في جوهرها، ستدل على نفسي وحياتي، على زاويتي الخاصة في النظر للعالم، على الطريقة التي أرى بها الكلمات كمرآة للروح، وعلى الكتابة كحوار دائم بين الإنسان وما يختلج في داخله من سؤال وبحث عن الحقيقة. إنها رسالة للذين يبحثون عن الضوء حين تعم العتمة، وعن صدق الحياة في خضم تعقيداتها.

 

هل هناك شخصيات حقيقية ألهمتك في كتاباتك؟

نعم، هناك شخصيات تركت بصماتها العميقة في نصوصي، ولكل منها دوره في تشكيل عالمي الأدبي. أولها أمي، نبض الحياة في داخلي، ومصدر الصبر والحكمة والحنان، وصوتها يرافق كلماتي حتى حين أغيب عنها.ولقد خصصت لها مقالات ونصوصًا عبرت عن تأملاتي الأولى في الحياة، ليكون أثرها حاضرًا في كل حرف أكتبه.

ثم والدي رحمه الله، فقيه العائلة وضليع اللغة العربية، الذي نشأ بين دفاتر النحو وتعلّم على يد كبار علماء النحو واللغة المصريين خلال فترة شبابه. وكان مثالاً للتفاني في العلم، وللرصانة الفكرية، ومرجعا لغويا رصينا، وقد ترك فيّ أثرا كبيرا؛ حيث علمني أن الكلمة الصادقة، المبنية على معرفة وثقافة، لها قوة تفوق كل السيوف.

وأخيرًا، أشخاص التقيت بهم في حياتي، قصصهم الصغيرة كانت كأعمدة نور تنير نصوصي. وأناس عاشوا بصمت، وتحملوا الألم، واحتفظوا بكرامتهم، وهؤلاء ألهموني لأن أكتب عن الإنسان كما هو، بلا رتوش، بكل ضعفه وقوته، وحبّه وفرحه، ومعاناته التي تظل دائمًا مصدراً للكتابة والصدق.

 

كيف تختار العنوان المناسب لكتابك؟

بالنسبة لي العنوان هو بوابة تدخل منها الروح إلى النص، وهو أول لمسة يلتقي بها القارئ مع عالمي الداخلي. لذلك لا أختاره إلا بعد اكتمال النص، وحين يتضح لي جوهر الفكرة التي أريد أن تصل إلى القارئ، وحين يصبح النبض الحقيقي للنص حاضرًا في عقلي ووجداني.

وأحيانًا ينتظر العنوان أن يولد من بين سطوري، كمولود خديج يقرع باب الفكر، ألتقطه بعناية، فأجعله مرآة للنص بأكمله. وأحب أن يكون شاعريا قدر الإمكان، أن يحمل أكثر من معنى، وأن يترك مساحة للتأمل، حتى قبل أن تطأ عين القارئ الصفحة الأولى، ليبدأ اللقاء مع النص وكأن العنوان نفسه دعوة صامتة للحوار والتأمل.

ما هي طبيعة علاقتك بدار صيد؟

علاقتي بدار صيد قائمة على الاحترام المتبادل والثقة المهنية. هم الذين منحوني الفرصة لأرى نصوصي تتحول من كلمات على الورق إلى كتاب يلامس أيدي القارء المصري بصفة خاصة والعربي بصفة عامة. كل علاقة عمل تحمل تحدياتها، لكنني وجدت في دار صيد الخاطر تعاونًا حقيقيًا ورغبة صادقة في دعم الكاتب، ما جعل التجربة أكثر هدوءًا وراحة، وأتاح لي التركيز على ما أحب حقًا: الكتابة.

كان أول تعامل رسمي لي معهم هو تكليفهم بطبع ونشر كتابي » أقلام من ذهب «وعرضه في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2025. وقد كانت تجربتي معهم موفقة بكل المقاييس، فقد تمت جميع بنود العقد بدقة، وكانت معاملاتهم طيبة وأسلوبهم مهنيًّا، مما جعل العلاقة أكثر دفئًا وصدقًا، ومهد الطريق لتعاون مستقبلي.

 

هل يمكن أن تصف تجربتك مع دار صيد؟

تجربتي مع دار صيد كانت رحلة تعلم وصقل للنصوص قبل أن تصل إلى القارئ. وجدت فيها من يفهم قيمة الكتابة، ويحترم ما يحمله النص من نبض إنساني.

لم تكن الرحلة دائمًا سهلة؛ كل نص يحتاج إلى صقل، وكل فكرة تتطلب ترتيبًا دقيقًا، لكن التعاون كان قائمًا على الاحترام المتبادل، فحول عملية النشر إلى أجمل رحلة يخوضها كاتب مع نصه حتى يولد بين أيدي الآخرين.

ولقد شعرت أن النصوص تنبض تحت أيدٍ حريصة على عرضها في بيئة مناسبة، وأن الكلمات التي كتبتها في عزلة المقاهي وزوايا الصمت وجدت من يقدّرها ويعطيها مساحة لتتنفس خصوصا عندما رأيتها بين ثلة من الكتب القيمة في أروقة معرض القاهرة الدولي للكتاب 2025. هذه التجربة كانت مشاركة حقيقية في بناء عالم النص وإيصال روحه إلى القارئ.

ما هي المعاملة التي تلقيتها من دار صيد؟

كانت المعاملة قائمة على الاحترام والجدية، وشعرت دائمًا بأنهم ينظرون إلى اكتابي بعين الكاتب قبل عين السوق، وهو أمر بالغ الأهمية بالنسبة لي.

أما التعامل معهم فهو مهني بامتياز، لكنه يحمل أيضًا لمسة إنسانية دافئة؛ حيث يُستمع للرأي، وتُناقش الأفكار بهدوء، ويُقدّر كل كتاب في خصوصيته وروحه. جعل هذا النهج تجربة النشر امتدادًا طبيعيًا لرحلة الكتابة نفسها، حيث يشعر الكاتب أن نصه في أيدٍ تحرص على الحفاظ على صدقه وعمقه قبل أي شيء آخر.

كيف تقيم مستوى الخدمات التي قدمتها دار صيد لك؟

رغم بعض الصعوبات الطبيعية التي ترافق أي تجربة نشر، أجد أن دار صيد قدمت خدمات جدية ومهنية بكل المقاييس. لقد ساعدوني في إخراج نصوصي بأفضل صورة ممكنة، من التحرير إلى الطباعة والتوزيع، مع اهتمام دقيق بكل تفاصيل النصوص.

والخدمة الجيدة، برأيي، لا تقاس فقط بالجانب الفني، وإنما بالاحترام والصدق في التعامل، وبالشعور بأن نص الكاتب يحظى بالاهتمام الذي يستحقه. وهذا بالضبط ما وجدته في دار صيد الخاطر؛ حيث شعرت أن الكتاب يُعامل بعناية وتقدير، ما جعل تجربة النشر تجربة ممتدة ومثمرة، تتجاوز مجرد وصول الكتاب إلى القراء لتصبح رحلة تعاونية مشتركة بين الكاتب والدار.

وفي ختام حوارنا، يسعدني أن أسمع رأيك الكريم حول مجلة إيڤرست الأدبية، من حيث رؤيتكم لدورها الثقافي وتأثيرها في دعم المواهب الشابة والمشهد الأدبي بشكل عام؟

أرى مجلة إيڤرست الأدبية كمنصة نادرة تفتح أبوابها للأصوات الجديدة والمواهب الشابة، وتمنحهم فرصة ليكون لهم حضور حقيقي في المشهد الثقافي. كما أعتبرها مساحة للحوار بين الأجيال، وجسر يربط بين الفكر والأدب والتجربة الإنسانية.

يتجاوز دورها نشر النصوص، حيث تشجع على التأمل والابتكار، وتحفز الكاتب على تطوير صوته الخاص. ودعمها للمواهب الجديدة يُشبه زراعة بذور في أرض خصبة، لتنمو منها أشجار أدبية قادرة على الصمود والازدهار في فضاء الثقافة العربية والعالمية.

هذه هي تجربتي الأولى ومشاركتي الأولى مع المجلة، وقد وجدتها تجربة مميزة ومثمرة. وأتطلع إلى التعاون المستمر معها في أعمالي القادمة، ونشر مقالاتي وكتبي المستقبلية عبر صفحاتها، لما للمجلة من دور بارز في رعاية الإبداع الأدبي والارتقاء بالمشهد الثقافي.