الكاتب شريف سامي والحديث عن أعماله بمجلة إيفرست الأدبية 

100

 

 

 

حوار: عفاف رجب 

 

يقول ضيفنا اليوم الكتابة بالنسبة للكاتب هي رحلة داخل الذات وتعبير عن تجربته الوجودية، وسيلة لإطلاق الأفكار والمشاعر التي تتراكم في داخله، وتحويلها إلى كائن حي يتنفس على الورق.

 

بالنسبة له يرى في الكتابة وسيلة يقدمها لنفسه قبل القارئ، لتقديم قراءة جديدة للأحداث والتفسيرات. وفي تجربته الخاصة يراها عملية فكرية وعقلية للتحليل المنطقي للأحداث، وهي أداة تمكّنه من الانعزال عن الواقع، وخوض رحلات عديدة ومتنوعة. أداة لاستكشاف الماضي وفهمه والتحقيق فيه من خلال تنقيح وتحليل الأحداث والشخصيات والأفكار التي شكلت العالم الذي وصل إلينا الآن، لخلق سرد متماسك يربط بين الأزمان والحقب التاريخية.

 

يرضى عنه عقله قبل القارئ نفسه. بالنسبة له، المتعة أو الهدف الأسمى يكمن في استخدام هذه الأداة كوسيلة لإعطاء صوت لأولئك الذين لم يُسجل تاريخهم بشكل كامل، أو للمطالبة بتصحيح الروايات التاريخية التي تم تحريفها. فالتاريخ لا يروي نفسه بنفسه، بل يحتاج إلى من يُنطقه بما يناسب عصره، دون أن يُزوّر جوهره.

 

إليكم شحصية اليوم هو كاتب تاريخي، يسعى دائمًا لتقديم أفضل ما لديه هو الكاتب شريف سامي.

 

_نرحب بك أستاذ “شريف سامي” ضيف عزيز على مجلة إيفرست الأدبية، من هو الكاتب شريف سامي وكيف يعرف بنفسه إلى القراء؟

أنا كاتب وباحث مصري حر، من مواليد عام 1984م، متخصص في مجال التاريخ، وعضو في نقابة اتحاد كُتّاب مصر، وأعمل أيضًا مهندسًا للجرافيك. أهتم بتقديم الوقائع التاريخية بأسلوب يتناسب مع الجيل الجديد، مع الالتزام بالسياق الأكاديمي السليم، حيث أسعى إلى تبسيط الطرح الأكاديمي بأسلوب ممتع، مع دراسة المصادر وتوثيقها وتحليلها ودمجها في المحتوى بشكل منهجي، بحيث يتسنى للقارئ معرفة الحدث التاريخي من المصادر الصحيحة بأسلوب جذاب وسهل الفهم، يتماشى مع الذوق الحالي، دون أن يُزوَّر جوهره.

_بدايتكم مع الكتابة متى كانت وكيف؟ وما أهم المحطات التي أثرت في حياتكم الأدبية؟

بدأت نشاطي كمدوّن وراصد للوقائع التاريخية الغامضة والمغمورة منذ عام 2015م، وتمكنت من بناء قاعدة جماهيرية على المنصات ووسائل التواصل الاجتماعي بحلول عام 2017م. اتجهت إلى النشر عام 2018م، حيث صدر عملي الأول، “شواهد على التاريخ: الغريب والمريب في التاريخ العجيب”، كأول إصدار للدار الوليدة آنذاك، “حواديت للنشر والتوزيع”. وكما يوحي العنوان، جاء العمل الصادر في جزئين، كرصد للأحداث الغريبة والعجيبة في التاريخ.

غلاف كتاب شواهد على التاريخ الجزء الأول

بحلول عام 2020م، تعاقدت مع دار دوّن للنشر والتوزيع، التي شكّلت محطة مؤثرة في رحلتي، ومنذ ذلك الحين، وضعت خطة عمل لسنوات قادمة، ما أسفر عن نشر سبعة أعمال معهم، بين عامي 2020م ومطلع عام 2025م.

_صُدر لحضراتكم العديد من الأعمال ولنحظى اليوم مع العمل الأدبي؛ حدثنا عن شعورك أثناء إصدار أول عمل لحضراتكم؟

كان صدور عملي الأول لحظة فارقة في حياتي، لكنني لم أحتفل كثيرًا، لم يكن مجرد تحقيقٍ لحلم أو نشوة انتصار، بل كان البداية لطريق طويل مليء بالطموحات. كنت على يقين بالله بأنها مجرد خطوة أولى، وواثقًا من أن رحلتي لن تتوقف عندها، مؤمنًا بأن التوفيق من الله أولًا، ثم بالعمل الجاد والإصرار. وبفضل ذلك، كُتب لي أن أكون من المحظوظين الذين فُتحت لهم الأبواب تقديرًا لموهبتهم، فبعد صدور عملي الأول جاءتني عروض ومقترحات من دور نشر مختلفة، فاخترت من بينها دار دوّن وقبلت عرضهم، حيث وجدت لديهم تقاربًا في الرؤية وإيمانًا بمشروعي الأدبي، مما جعل التعاون بيننا خطوة طبيعية في رحلتي.

_يصُدر لحضراتكم هذا العام عملين كان الأول يحمل عنوان “إدريس النبي” فهلاّ حدثتنا بشكل مُبسط عن العمل من حيث مضمون العمل، وفكرته؟

يتناول كتاب “إدريس النبي: رمز الحكمة الخالدة” شخصية النبي إدريس عليه السلام، مستعرضًا تأثيره عبر مختلف الحضارات والأديان. يبحث الكتاب في ذكر إدريس في القرآن الكريم، والتوراة، والإنجيل، بالإضافة إلى ارتباطه بالأساطير خاصةً المصرية القديمة. كما يناقش التشابه بين إدريس وشخصيات مثل “أخنوخ”، و”هرمس”، و”أوزوريس” و”دنانوخ”، ويستكشف تعاليمه المتعلقة بالتوحيد والعلم ونقل المعرفة.

يطرح الكتاب تساؤلات حول ما حدث على الأرض بعد عهد آدم عليه السلام وصولًا للنبي “إدريس”، وهل “إدريس” قبل أم بعد “نوح” عليهما السلام، ويقدم مقارنة بين ذكر “إدريس” في الرسائل السماوية والرموز الأسطورية. كما يتناول موضوع “متون هرمس” كأحد النصوص المحيرة في التاريخ، ويفحص الغموض المحيط بالنبي بأثر النبي إدريس. بالإضافة إلى ذلك، يستعرض الكتاب الربط بين تمثال “أبو الهول” والنبي إدريس، ويتساءل عما إذا كانت شخصيات مثل “أخنوخ”، “هرمس”، و”تحوت المصري” تمثل تجليات مختلفة لشخص واحد. كمحاولة بحثية للتعمق في أعماق التاريخ والدين والأسطورة، لتسليط الضوء على إحدى أقدم الشخصيات الروحية وأكثرها تأثيرًا.

473321884 1055615273269665 5144203580009164224 N

_ويأتي الثاني بعنوان “المـ..ا سـ..ونية والمـ..ـؤامـ.ـرة”؛ حدثتنا بشكل مُبسط عن العمل من حيث مضمون العمل، وفكرته؟

كتاب “الماسونية والمؤامرة كما يراهما الغرب” حاولت من خلاله تقديم رؤية تحليلية متعمقة لنظرة العالم الغربي إلى نظريات المؤامرة وأبرزهم الماسونية، بعيدًا عن السرديات التقليدية التي تحصرها إما في إطار المؤامرة أو في صورة جمعية خيرية بحتة. كان التحدي الأكبر هو الاعتماد الكليّ على المصادر الغربية ذاتها، دون التأثر بالرؤية العربية أو الشرق أوسطية، لكي تخلص رسالته إلى تكوين فهم متكامل للماسونية والمؤامرة من منظور غربي بحت. ونظرًا لكوني لست غربيًا؛ أي أقف في منطقة رمادية، حرصت على اتباع نهج حيادي يقوم على استعراض المخطوطات التاريخية والوثائق النادرة التي تسلط الضوء على الأيديولوجيا الحقيقية للماسونية، دون تحريف أو تهويل. كما يتناول الكتاب التحليل النقدي للمواقف المتباينة تجاه الماسونية عبر العصور، مستعرضًا تاريخها منذ نشأتها وحتى العصر الحديث، مع مناقشة تأثيرها على السياسة والمجتمعات. ويغطي الكتاب عدة محاور رئيسة، منها:

جذور الماسونية وتطورها عبر المراحل المختلفة.

علاقتها بالأحداث الكبرى مثل الثورات والحروب.

تأثيرها على الحكومات والأنظمة السياسية.

تحليل نظريات المؤامرة من منظور غربي، ومدى استنادها إلى حقائق أو مبالغات.

حاولت في الكتاب المزج بين السرد التحليلي والتاريخي، واستخدام لغة علمية دقيقة، بالاعتماد على مصادر موثوقة من الأرشيفات الغربية. كما حاولت تقديم منظور متوازن لفهم الماسونية، بعيدًا عن التهويل أو التبسيط المخلّ.

474134884 1059384419559417 9674404157677513 N

_هل يحاول “أ/شريف سامي” إيصال هدفًا لقُرائها من خلال إصدارتها، وما هي أهم المهارات الواجب توافرها لدى الكاتب؟

نعم، أسعى من خلال إصداراتي إلى إيصال هدف واضح لقرّائي، وهو تقديم التاريخ بطريقة تجمع بين الدقة الأكاديمية والأسلوب السلس المشوّق، بحيث يكون في متناول الجميع، دون أن يفقد جوهره العلمي. أهدف إلى إثارة الفضول، وتحفيز التفكير النقدي، وتشجيع القارئ على التعمّق والبحث بنفسه، بدلاً من الاكتفاء بالروايات التقليدية، فرسالتي الدائمة هي ليست قراءة التاريخ فقط، بل تحليله، وهذا التحليل لا يتطلب متخصصًا بقدر ما يتطلب عقلًا منفتحًا غير متحيز، يبحث عن الحقيقة بنفسه، فالتاريخ ليس مجرد سرد للأحداث، بل هو مجال لفهم التفاعلات الإنسانية والأسباب التي أدت إلى تلك الأحداث. ومن خلال هذا الفهم العميق، يمكننا أن نرى كيف أن الحكايات التي تم تناقلها عبر العصور قد تم تشكيلها وتوجيهها وفقًا لظروف معينة وأيديولوجيات خاصة. لذلك، فإن مهمتي هي أن أُبرز تلك الحقائق المخبأة، وأُشجع الآخرين على التفكير النقدي والتساؤل المستمر حول ما يُقدَّم لهم، حتى نصل جميعًا إلى رؤية أكثر وضوحًا ودقة لواقعنا الماضي والحاضر.

أهم مهارة يجب أن يتحلى بها الكاتب هي القراءة، والقراءة في كافة المجالات وليس مجاله فقط. فالكاتب الذي لا يقرأ بشكل جيد ربما ينجح في عمله الأول بفضل فكرته المبدعة، أحيانًا يحدث ذلك، لكنه سيفقد القدرة على الإنتاج المستقبلي إذا لم يكن قارئًا نشطًا ومنفتحًا.

Photoroom 20240124 221207 800x

_ماذا لو أتيحت لك الفرصة في توفير أعمالك على منصات النشر الإلكتروني؟ هل توافق؟ فقد أصبح النشر الإلكتروني مجزيًا وأسهل في الوصول للناس هذه الأيام؟ فهل توافق بالعرض؟

أعمالي تُنشر بالفعل عبر المنصات الإلكترونية، سواء كانت مرئية أو مسموعة، ولكن حقوقها تبقى خاضعة لدور النشر. بالفعل، يتجه المستقبل نحو النشر الإلكتروني، ومن المتوقع أن يكون له الغلبة في السنوات القليلة المقبلة بسبب ارتفاع أسعار الورق والطباعة، فالنشر الإلكتروني أصبح اليوم وسيلة فعالة للوصول إلى جمهور أوسع، خاصة في ظل التغيرات السريعة في عادات القراءة. لم يعد القارئ مقيدًا بالكتاب الورقي فقط، بل أصبح بإمكانه الوصول إلى المحتوى في أي وقت ومن أي مكان، مما يجعل نشر المعرفة أكثر انتشارًا وتأثيرًا. ورغم ذلك، سيظل هناك من يفضلون اقتناء الأعمال الورقية وهواة تجميع المكتبات. لذلك، أعتقد أنهما سيسيران بالتوازي، مع هيمنة واضحة للنشر الإلكتروني.

ربما سأوافق حينها – على شرط النشر الورقي أيضًا – كما سيستلزم ذلك مني التفكير حينها في تأثير المنصة التي ترغب في نشر عملي، وقدرتها على حماية حقوق الملكية الفكرية، وضمان تقديم الأعمال بجودة عالية وبتسويق لفعّال، وضمان وصول أعمالي إلى القارئ بالشكل اللائق الذي يعكس الجهد المبذول في كتابتها.

_كثرت الكتابة باللغة العامية وخاصةً فـ الرواية، فهل أنت مع أم ضد الكتابة بالعامية، وهل يجوز السرد بها أم أنها تفسد الذوق العام؟

بالنسبة للسرد، يجب أن يكون باللغة الفصحى قولًا واحدًا، ولا ألتفت على الإطلاق للأعمال المكتوبة بالعامية حتى وإن كانت مجرد خواطر. يُستثنى من ذلك الشعر العامي، وجامعو الأمثال الشعبية، والكتابة الفكاهية أو الساخرة. أما بالنسبة لبقية الأعمال، فأرى أنه من الضروري كتابتها بالعربية الفصحى، بأسلوب لغوي يتناسب مع طبيعة وموضوع العمل. أحترم ذكاء الكاتب الذي يختار الأسلوب اللغوي المناسب لزمان ومكان عمله.

أما عن الحوار، فأنا أؤمن بأن تاريخ أحداث الرواية هو الذي يحدد أسلوب الحوار، فأنا أحب أن يكون الحوار مطابقًا لزمنه، بل ولكل شخصية تتحدث فيه. إذا كانت الرواية تاريخية قديمة، يجب أن يكون حوار الأبطال بلهجة ذلك الزمان، أما إذا كانت الرواية معاصرة، فأفضّل أن يكون الحوار باللهجة العامية.

4

_بمن تأثر الكاتب ولمن يقرأ الآن؟ وأيِّة الفنون الأدبية مقربة إليه؟

لا يمكنني القول إنني تأثرت بكاتب بعينه لأنني تأثرت بالعشرات، فقراءاتي متنوعة بحكم طبيعة أبحاثي وعملي في مجال التاريخ، مما يجعلني متأثراً بالعديد من المؤلفين والمفكرين والكثير من الأعمال الفكرية. أحرص دائمًا على الاطلاع على مصادر متعددة، سواء كانت أكاديمية، أو سردية، أو تحليلية، مما يوسع أفق تفكيري ويمنحني منظورًا أكثر شمولية. وبالنسبة للفنون الأدبية الأقرب إليّ، فإن التاريخ بطبيعته يتداخل مع الأدب، لذلك أميل إلى السرد التاريخي، خاصة عندما يُقدَّم بأسلوب مشوّق يجذب القارئ دون أن يخلّ بالمصداقية. كما أنني أجد في الأدب التحليلي والنقدي متعة خاصة، كونه يفتح آفاقًا جديدة للتفكير ويتيح إعادة قراءة الأحداث والشخصيات من زوايا مختلفة.

_حدثنا بشيء من الإيجاز عن أعمالك السابقة؟ وهل يمكن أن نصنف أ/ شريف قلمه في كتب التاريخ والفلسفة؟

إلى الآن، أنجزت تسعة أعمال، جميعها في مجال التاريخ:

شواهد على التاريخ (جزئين) – مختصر حضارات العالم- 26 ساعة فارقة في حياة هتلر – الأرض بعد طوفان نوح – مختصر تاريخ أوروبا – مختصر تاريخ الصين – إدريس النبي: سؤال للتاريخ حول أثره – الماسونية والمؤامرة كما يراهما الغرب.

تقدم هذه الأعمال جميعها نظرة تحليلية عميقة للأحداث التاريخية، وهي مُقدَمة على شكل أبحاث مدعمة بالمصادر والمراجع.

أما عن تصنيف كتاباتي، فهي بلا شك تصبّ في مجال التاريخ، لكنني لا أقدّم التاريخ كأحداث مجردة، بل أسعى إلى تحليلها وربطها بالفكر الإنساني، مما قد يقترب أحيانًا من الفلسفة، خاصة عندما يتعلّق الأمر بفهم تطور المجتمعات وتأثير الأفكار على مجرى الأحداث. لذا، يمكن القول إنني أكتب في التاريخ، مع اهتمام واضح بالبُعد الفكري والتحليلي للأحداث.

 

 

2

_وما هي نظرية حضراتكم أ/شريف سامي عن أخر أعماله؟ وطريقتكم في جمع المصادر؟ وكيف توفق بين الحياة العملية والتأليف؟

بالنسبة لي، تنتهي نظرتي لكل عمل بمجرد الانتهاء منه، ولا أنتظر إلا رد فعل القارئ ونظرة تقييمه، فهو الآن صاحب الكلمة المسموعة.

أما طريقتي في جمع المصادر، فهي المرحلة الأصعب، خاصة أنني أحرص على الاطلاع على الرأي والرأي الآخر. أبدأ دائمًا بالمراجع الأساسية، سواء كانت وثائق تاريخية، أو كتبًا معتمدة، أو أبحاثًا علمية، ثم أقارن بين الروايات المختلفة، متجنبًا النقل المباشر دون تمحيص. أحرص على التحقق من المعلومة عبر أكثر من مصدر، مع مراعاة السياق التاريخي لكل رواية. بعض الأعمال التي كتبتها لم أستبعد فيها أصحاب الآراء الخاطئة أو الشاذة؛ بل أذكرها أحيانًا حتى أتمكن من مناقشة القارئ في الفرق بين الرأي السليم والرأي الشاذ. كما أوضح له الدراسات التي نشأت لتأكيد أو تفنيد هذه الآراء. وفي حالات أخرى، لم يكن الأمر يستدعي ذلك. هي عملية قد تبدو معقدة، لكنها ممتعة بالنسبة لي.

للأسف، أنا وكثير من الكتّاب لا نستطيع التوفيق بين الكتابة والحياة العملية. في السنوات الأخيرة أصبحت الكتابة بالنسبة لي المصدر الأهم للدخل، وذلك لأنها تستحوذ على الغالبية العظمى من وقتي. وبالطبع، هذا يسبب لي خللاً ماديًا، فالجميع يعلم أن الكتابة ليست مجزية بالشكل الكافي.

5

_بهذا العام ستكون شخصية المعرض الدكتور “أحمد مستجير”، فما نظريتكم عنه؟ وما هو نظرية حضراتكم عن معرض القاهرة للكتاب الذي يُقام كل عام؟

الدكتور أحمد مستجير، في نظري، هو عالم وفيلسوف في آن واحد، يجسد التفاعل العميق بين العلم والفلسفة. تخصصه في علم الوراثة لا يمنعه من طرح تساؤلات فلسفية حول دور العلم في فهم الإنسان ووجوده. يسعى لتقديم المعرفة العلمية بشكل يعكس تأثيرها العميق على الثقافة والحياة البشرية، ويحفّز التفكير النقدي في كيفية تأثير العلم على المجتمعات. فلسفته تقوم على أن العلم ليس مجرد اكتشافات بل أداة لفهم الذات والكون، مما يجعله شخصية فلسفية تتجاوز حدود تخصصه.

أما معرض الكتاب فهو عيد الكُتّاب، يجدون فيه مساحة لتقديم أفكارهم وإبداعاتهم، هو تفاعل بين فكر الكاتب ووعي المتلقي، مما يرفع قيمة الكتابة، ويوسع من دائرة الإبداع، ويُحرك الفكر نحو آفاق جديدة.

وبالنسبة للقراء، يُعتبر معرض القاهرة للكتاب بمثابة رحلة استكشاف لفضاءٍ ثقافي غني، وما يميزه أنه يتيح للقراء فرصة التفاعل المباشر مع الكتّاب، ويُمكنهم من التعرف على خلفيات الأعمال وطريقة تفكير مؤلفيها. تجربة حية، تتجاوز كونه مجرد حدث ثقافي إلى كونه ملتقى للتبادل الفكري، وفي هذا الإطار، يصبح معرض القاهرة للكتاب أكثر من مجرد معرض، بل هو حدث فلسفي يحفز الكتابة ويعيد تشكيل العلاقات بين الكتاب والقراء، بين الفكرة والأثر.

_الكثير منا يتعثر ويقوم حتى ينهض من جديد؛ فما أصعب العقبات التى واجهتك خلال مسيرتك الأدبية؟

الحمد لله، لم يقابلني حتى الآن.

6

_ما مدى رِهانكم على الكتابة الشبابية الجديدة، والكُتاب الصاعدين وأين تضعها من خارطة الكتابة العربية؟

لا شك أن السنوات الأخيرة شهدت تدفقًا هائلًا من المواهب الجديدة في عالم الكتابة، وهو أمر له إيجابيات وسلبيات. فجميعنا نعلم أن هناك كتابات لم تكن على المستوى المطلوب، لكن وسط هذا الزخم برزت أعمال تستحق الاحتفاء. فرغم كل الانتقادات، لا يمكن إنكار أن هذا الحراك الأدبي رفع سقف المنافسة، وهو ما يعد ظاهرة صحية لأي مشهد إبداعي.

لكن من أبرز السلبيات التي يواجهها هذا الجيل ضياع المبدعين الحقيقيين وسط الضجيج، دون أن ينالوا فرصتهم العادلة.

ومع ذلك، ورغم سلبيات هذا الزخم، فأنا من المتفائلين، إذ إن عدد القرّاء في الجيل الحالي في ازدياد، على عكس ما يُقال. وأرى أن هذا الاهتمام سيتطور ليصب في الأعمال الأكثر قيمة خلال السنوات القادمة. وهذا تحديدًا ما يحتاجه المشهد الأدبي المصري، الذي لا يزال في طليعة النشر العربي، والأكثر تأثيرًا وحيوية

_وقبل الختام؛ ما الشيء الذى تريد قوله، وما نصيحتكم لكُتاب المستجدين حتى يرتقوا بالكتابة ارتقاءًا يليق بها؟ ولمن يهدي الكاتب السلام والتحية؟

قبل الختام، أريد أن أقول إن الكتابة التاريخية ليست مجرد سرد للأحداث، بل هي إعادة إحياء للزمن، وإضاءة على ما كان، لاستخلاص العبرة لما سيكون. على الكاتب أن يكون أمينًا في نقله، عميقًا في تحليله، وألا يرضى بالسائد دون تمحيص، فالحقيقة ليست دائمًا حيث يظنها الناس.

أما نصيحتي للكتّاب المستجدين، فهي أن يقرأوا كثيرًا، ويبحثوا قبل أن يكتبوا، وألا يتعجلوا النشر قبل أن تنضج الفكرة وتتبلور الرؤية. ونصيحتي لمن سيكتبون في نفس مجالي: لا تكن مجرد ناقل، بل محللًا، فالتاريخ لا يروي نفسه بنفسه، بل يحتاج إلى من يُنطقه بما يناسب عصره، دون أن يُزوّر جوهره.

وأهدي السلام والتحية لكل قارئ شغوف بالحقيقة، لكل من يبحث عن المعرفة لا عن الإثارة، ولكل من يعيد النظر في الماضي بعين ناقدة وعقل متفتح، دون أن يسقطه على الحاضر بسذاجة أو تحامل.

3

_وبالنهاية: نشكر حضراتكم على وقتكم الثمين ونعتذر إذا كنا قد أثرنا بالسلب على حضراتكم، لذا أُحب أن أعرف رأي حضراتكم عن حوارنا وكذلك على مجلتنا الأدبية إيفرست؟!

أشكركم على استضافتكم الكريمة وعلى هذا الحوار القيّم، الذي أتاح لي فرصة الحديث عن التاريخ والكتابة. لقد كانت الأسئلة ممتعة وعميقة، تعكس وعيًا واهتمامًا بالحقيقة والمعرفة.

أما عن مجلتكم الأدبية إيفرست، فهي تحمل اسمًا يوحي بالقمم العالية والطموح الكبير، وتعكس إيمانًا بأن الأدب هو ذروة الفكر الإنساني وأسمى تجلياته. لذا، أقدّر جهودكم في تكريس المجلة للأدب، بعيدًا عن الانجراف وراء الرائج ذي القيمة المحدودة. أرى أنكم تسيرون في طريق يستحق التقدير، وأدعم مسيرتكم بكل اعتزاز. أتمنى لكم دوام النجاح والتألق، وأرجو أن تبقوا دائمًا منبرًا للكلمة الجادة والفكر المستنير.

 

وإلى هنا ينتهى حوارنا مع الكاتب شريف سامي ونتمى له كل التوفيق والنجاح الدائم فيما هو قادم له إن شاء الله.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

عن المؤلف