أمسكتُ_بالماء

Img 20241230 Wa0025

 

عزيزي السلام عليكم ورحمة الله، والصلاة والسلام على خير خلق الله، هيا معي نبحر عبر قصةٍ جديدة، لعل الله يحدثُ بعد ذلك أمرًا. 

اسمي أوّاب وأنا من السودان الحبيب، ووصل عمري الآن العشرون ربيعًا، أمتلكُ من الصِّحةِ والعافية ما يجعلني مفتولُ العضلاتِ متناسق الجسم، وكنتُ دومًا أهتم بقوةِ جسمي وأمارس الرياضة بشكلٍ مستمر.

كما ذكرت لك أنني كنت دومًا معجبٌ بمظهري وبقوتي، وكنت مهملا لكل شيء، وبالأخص في جانب العبادات، فلقد كنتُ دومًا أذكّر نفسي بأنني لازلتُ صغيرًا في العمر وأنّ لي عمرًا  طويل، وفيه سوف أتوب وأصلي وأصوم وأعوض كل الذي فيه الآن، أما الآن فإن الوقت للإستمتاع واللهو والمرح والتمتُّع بالصحة، فكنتُ دومًا أهتم بالحفلات الموسيقية مهملًا في صلاتي بل مهملًا حتى في حق والدَيْ، فأنا أخرجُ من المنزل صباحًا  وأعود في وقتٍ متأخّر، ولا يهمني أحد غير  الرياضة والمرح.

وفي يوم ما رجعت إلى منزلي متأخرًا جدًا، فوجدتُ والدي في انتظاري، وبدأ بالحديثِ معي عن إهمالي للصلاة وعدم مبالاتي لكل ما يحدث حوالي، وأنني وكأنّني في كوكبٍ آخر  مما يدور من حوالي، فلقد مرضتْ أمي وتم إدخالها المسشفى لمدة يومين وخرجت وهي الآن سليمة والحمدلله؛ ولكن رغم أهمية ذلك الأمر وبعدم اهتمامي بأسرتي  لم أعرف  الذي حدث،  تخيّل ياعزيزي إلى أي حالٍ وصلت، حقًا أنني أعيش في كوكبٍ آخر كما كان يقول أبي.

لم يحرّك كلام أبي أي شيء داخلي، واستمريت فيما كنت أفعل لايهمني شيء، وفي ذات ليلة، استلقيتُ إلى فراشي لكي أنام ،وبدأت أخلد للنوم ولكن كان هنالك إحساس مختلف، إحساس بعدم الراحة وضيق في تنفسي  ومكان مظلم جدًا،  نعم  كنت في القبر، ووجدتُ في انتظاري عملاقين من الملائكة، تشعر بالرهبة بمجرد النظر إليهم، وكان يوجهان إلى سيل من الأسئلة وأنا وكان لجم فمي وقطع لساني ولا أستطيع الإجابة، وكيف أجيب وأنا لم أصلي منذ كان عمري عشرة أعوام وقتها كنت فرحًا بتعلم كيف أصلي؛ ولكن أهملتها،  وكيف أجيب وأنا  لم أصم ولا حت يوم واحد في رمضان ، كيف أجيب وأنا لم أضق يومًا حلاوة برّ الوالدين.

كما قلتُ لك ياصديقي لم أستطيع فعل شيء، وختم علي صحيفتي بأنني شقيء وأنني من أهل النار  والعياذ بالله، فقلتُ لهم أنني لازلتُ صغيرًا،  وسوف أصلي وأصوم وسأفعل أي شيء ولكن لاتدخلوني النار، ولكن هيهات، هيهات! لا أحد يسمع لي وفتح بين جهنم وقبري نفاج  فكنت أشاهد النار  ويصلني حرها وسمومها؛ كأنها  تقول لي  مرحبًا بك، غير ذلك  كان هنالك ثعبان ضخم يعصر جسدي حتي تتكسر أضلعي، وكأنّه يقول لي أنك لم تركع يوم للرحمن، فتعال إليّ بالأحضان، ولن تجد عندي الأمان، فلقد فات الأوان، وضاعت عليك الجنان.

وصرختُ صرخةً جعلتْ أبي وأمي  يسرعان إلى غرفتي، وبعدها صحوتُ من نومي، نعم ياعزيزي  كنت أحلم بما حدثتك عنه، ولكن كانت تلك رسالة من الله  لما سوف يحدث لي إذا ما أستمريتُ فيما كنتُ أفعل، وأنّ من يظن أنه يمتلك العمر والشباب كمن أمسك بالماء بين يديه وحتمًا لن يستطيع الإمساك بالماء، فأول ما بدأتُ به هو الصلاة ولم ولن أفرط أو أُأخر فرض بعد اليوم، وأصبحتُ بارًا بوالدي، وكأنني خُلقتُ من جديد. 

        

 

عن المؤلف