مجلة ايفرست الادبيةpng
...

مجلة ايفرست

مجلة ايفرست الأدبية

الضمير الميت

 

كتب: محمد الشتري

السيدة (..) باتت مريضة سرطان وزوجها تقدم في العمر ولا يقوى على حملها في مرضها والذهاب بها إلى المستشفيات ويتمنى لو أنه يملك القوة لعمل هذا ومساندتها قدر ما يستطيع ، فقط من تحمل هذا العبء وقام بذلك الدور هي ابنتها الصغيرة ذات الواحد وعشرين عامًا في حين ابنتيها الأكبر عمراً تعيشان حياتهما على أكمل وجه كل واحدة مع أسرتها مشغولتان بأمور الحياة الغريبة ، أخذت هذه الفتاة الشابة تعيش حياة كألف رجل وعاشت معاناتها مع مرض والدتها بلا سخط بل تقول لأصدقائها وهم يواسونها أن الله وحده يعرف قدرتها على التحمل ويعطيها قدر استطاعتها وأنها لن تشتكي ذلك وكلما زاد بلاء ربها عليها زاد صبرها أكثر ، كان لتلك السيدة أخ وحيد لكنه كان قاطعًا صلته بها حتى أنه علم بمرضها ولم يذهب حتى لزيارتها والوقوف بجوارها ، ترى أين ضاعت صلة الرحم ؟ وزوجها العجوز المريض له أخوة وأولادهم كانوا يشاهدون ابنة عمهم تذهب بأمها المريضة وحدها لتتلقى العلاج ولم ينظروا إليها حتى نظرة عطف أو شفقة بانعدام متناهي للمروءة ، تساءلت أكثر من مرة في عدة مناسبات أين ذهبت المروءة بين الناس ؟ واجهت تلك الفتاة بزهرة شبابها ضربات الحياة وحدها تصدت للكثير من اللكمات ، حقيقة لم تكن وحدها بل دعوات أمها طريحة الفراش قد زادتها جلداً وقوة وصبرًا ، وظلت تلك السيدة تصارع المرض مع ابنتها لأكثر من عام ونصف حتى تمكن السرطان من قواها بشكل كبير وأخذها الله في رحمته ،

ترى هل ندم أصهارها وأبناؤهم على عدم الوقوف بجانبهم ؟ أو لعن أخيها لنفسه لأنه لم يمارس دوره كأخ وخال وندم على ذلك ؟ أو بناتها الكبيرات على انشغالهم عن أمهم في أكثر وقت كانت فى احتياج فيه  لكل أحبائها؟

فقط من كان داخلها يتألم هي تلك الفتاة التي صارعت وحدها كل ذلك وفي النهاية كان بلا جدوى أما كل الأخرين لم يشعروا بأي ندم قط ،كان هناك  شيئًا فقط لديهم من الضمير الميت .