20 فبراير، 2025

رِحلة في عقل الكاتبة “إسراء سالم” تَبـوح بِما وراء كواليس رحلتها الأدبية لأول مرة داخل مجلة إيفرست

Img 20250214 Wa0056

 

الصحفية: خديجة محمود عوض. 

 

بين حروفها تختبئ أسرار، وفي كلماتها تنبض حكايات لم تُروَ بعد.. في حـوار استثنائي مع الصحفية خديجة عوض، تكشف الكاتبة ” إسـراء سالم” عن ملامح رحلتها الأدبية، التي تجاوزت حدود الورق، وجابت عوالم الفكر والإبداع.. هُنا، حيث تتقاطع العواطف مع الأفكار، وحيثُ يبوح القلم بما خُفيّ خلف الكواليس، لنُبحر معًا في رحلة تكشف عن جوهر الأدب العربي.

 

كيف تعرّفين نفسكِ للقارئ في جملة واحدة؟

فكّرتُ كثيرًا في هذا السؤال لأجد إجابة مناسبة، لكنني أصف نفسي بالكثير من الأوصاف، وأكثر ما يعبّر عني هو أنني “لحن الحياة”. فأنا أحيانًا قاسية، وأحيانًا حنونة، أتمرد تارة، وأكون مطيعة تارة أخرى. لحن الحياة لا يمكن لأحد أن يتوقعه، وأنا كذلك، أشبهه كثيرًا.

 

كيف كانت البداية؟ ما الذي دفعكِ إلى عالم الكتابة وجعلكِ تختارين هذا الطريق؟

بدأتُ الكتابة عندما لم أجد من أتحدث معه عمّا يدور بداخلي، فكانت كتاباتي ترجمةً لما أمرّ به وأشعر به. أما الذي دفعني إلى هذا العالم، فهو اكتشافي لمهاراتي المتواضعة في تنسيق الكلمات والتعبير عن المشاعر والأحداث، ورأيتُ في ذلك فرصة رائعة لأن أكون شخصًا يُستفاد منه، وأن أنمّي هوايةً قد يراها البعض مجرد كلمات على ورق، لكنها في الحقيقة أعمق بكثير من ذلك.

 

كيف تصفين علاقتكِ مع القارئ؟ وهل تعتقدين أن الكتابة تخلق رابطًا حقيقيًا بين الكاتب وقارئه؟

أصف علاقتي بالقارئ كعلاقة المتكلم بالمستمع. فأنا أحدّثه عمّا مررتُ به وما قاسيته، لكن بطريقةٍ أكثر تنظيمًا. أحيانًا يتقبّل القارئ كلماتي، وأحيانًا يعارضها، وأحيانًا يجدها تصف حالته الآن، أو ربما تصف حالةً مرّ بها في فترةٍ ما.

نعم، أؤمن تمامًا بأن الكتابة تخلق رابطًا حقيقيًا بين الكاتب والقارئ، لأنني ككاتبة، آخذ القارئ من عالمه إلى عالمي، سواء كانت رواية أو قصة قصيرة. وإذا كانت خاطرة، فقد يجدني أصف شعورًا بداخله ببضع كلمات، ليس انتقاصًا منه، بل لأنه قد يعجز عن التعبير، فتكون كلماتي مواساةً له. لذا، أرى أن العلاقة بين الكاتب والقارئ قوية للغاية، فأنا أشعر وأكتب، وهو يقرأ ويترجم.

 

برأيكِ، ما الذي يميّز الكاتبة الجيدة؟ هل هو الأسلوب، الأفكار، أم القرب من القارئ؟

كل ما ذكرتِه يميّز الكاتبة الجيدة، فلا بد أن تتميز بأفكار قوية تعبّر عنها بأسلوب متقن، بحيث يستطيع القارئ البسيط أن يفهم رسالتها. وهذا ما يجعلها قريبة منه، لأننا كبشر لا نبحث عن الكتابات العظيمة من دولٍ وقاراتٍ أخرى، بل نريد شيئًا بسيطًا يعبّر عنّا، عمّا لا نستطيع قوله، وعن أحلامنا التي ندفع ثمنًا لتحقيقها. القارئ يريد كتاباتٍ من الواقع الذي نعيشه، وأنا قبل أن أكون كاتبة، كنتُ قارئة جيدة.

 

كيف تتعاملين مع فكرة النقد؟ وهل هناك نقد أثّر فيكِ وغير رؤيتكِ لعملكِ؟

أرى أن النقد أحيانًا يكون مفيدًا، فهو رسالةٌ تدفعني لتطوير أفكاري وأسلوب كتابتي، خاصة إذا كان نقدًا بنّاءً يهدف إلى مصلحتي ككاتبة. أما إذا كان من نوع “اتركي الكتابة وافعلي شيئًا آخر”، فلا أستمع له ولا أبالي به.

كل نقد يُحترم، لكن ليس كل نقدٍ يجب أخذه على محمل الجد. نعم، هناك أكثر من نقد أثّر فيّ، والحمد لله، كلها كانت إيجابية، تدفعني للاستمرار والتطور.

 

ما هي مشاريعكِ القادمة؟ وهل تعملين على شيء جديد حاليًا؟

أخطط لنشر رواية بإذن الله قريبًا، وأعمل عليها حاليًا، بالإضافة إلى كتاب إلكتروني جديد.

 

ما هو تأثير تجربتكِ الشخصية على كتاباتكِ؟ وهل تستوحين من حياتكِ الواقعية؟

تأثيرها كبير، لأنها هي بذاتها كتاباتي. فأنا لا أكتب أي شيءٍ أراه أمامي، بل أكتب ما أشعر به بناءً على أحداث حياتي. كل خاطرةٍ كتبتُها لم تكن من وحي الخيال، بل كانت حدثًا دونتُه في ورقة بين أوراقٍ كثيرة، لكل منها ذكرى مميزة. نعم، كتاباتي واقعية تمامًا، تعبّر عني وعن ما يحدث معي.

Img 20250214 Wa0057

من هو الشخص الذي كان له الأثر الأكبر في حياتكِ؟ وكيف أثّر في مسيرتكِ؟

ليس شخصًا واحدًا، بل أشخاصٌ مرّوا في حياتي، سواء كانوا أقارب، أحبة، أو أصدقاء. كل شخص منهم علّمني شيئًا أثّر فيّ كثيرًا وجعلني أدرك أمورًا حولي. أشكر تلك الظروف التي جعلتني هكذا، رغم أنها لم تكن جيدة، بل كانت سيئة إلى درجةٍ لم أستطع البوح بها بلساني، فتولّى قلمي التعبير عنها. لولا الظروف السيئة في الماضي، لما كنتُ الكاتبة التي أمامكِ الآن.

 

كيف كانت تجربتكِ مع دار “سحر الإبداع” للنشر الإلكتروني؟ وأي نوعٍ من النشر تفضلين؟

كانت تجربة رائعة للغاية، فقد عملنا معًا كيدٍ واحدة، ولم يكن كل شخصٍ يعمل بمفرده. وأخص بالذكر المشرفة شيماء خميس، التي أشكرها كثيرًا، لأنها لم تكن مجرد مشرفة على عملي، بل كانت ولا تزال صديقة رائعة.

أفضل النشر الورقي، لأنني أجد أنه الأفضل للقارئ. لا أعلم من أي ناحية بالتحديد، لكنني أحب كثيرًا أن أمسك كتابًا وأقرأه مع كوب قهوة دافئ، بعيدًا عن الهاتف وإشعاراته المزعجة.

 

أخيرًا، إذا طلبنا منكِ وصف الكتابة في كلمة واحدة، ماذا ستكون؟

ستكون “لحنٌ لقلبي”. كما قلتُ سابقًا، أنا أصف نفسي بلحن الحياة، والكتابة هي لحن قلبي، لأنني أكتب كل ما يعزفه قلبي ويلحنه قلمي، فتصل ألحاني إلى القارئ، فيجد نفسه إما يدندن معها، أو يراها مجرد مقطع عابر.

 

كيف ترين نفسكِ الآن بعد هذا الحوار؟ وهل شعرتِ أن الأسئلة كشفت جانبًا مختلفًا عنكِ لم تتحدثي عنه من قبل؟

أشعر أنني تحدثتُ عن أشياء كثيرة في هذا الحوار، ومنها أن القارئ يستطيع أن يخمّن ما مررتُ به من خلال كتاباتي، أو يقترب من الحقيقة. وهذا يجعلني أكثر حذرًا في كتاباتي من الآن فصاعدًا”)

لكن نعم، هذا ما كنتُ أودّ أن أوصله للقارئ، أن ما أكتبه ليس من عالم الخيال، ولا من قصص الأبطال، بل هو جزء من واقعٍ عشته، لحظات كبيرة ترجمتها بكلماتٍ بسيطة، لكنها بالنسبة لي أحداثٌ تاريخية، أرويها لك، عزيزي القارئ، ببثٍّ مباشر عن الحياة.

شكرًا لهذا الحوار الرائع.

عن المؤلف