كتبت/ مريم نصر
القدر، ذلك المفهوم الغامض الذي يشغل تفكير البشر عبر العصور. هل هو قوة غامضة تكتب لنا مصيرنا، أم أنه مجرد انعكاس لقراراتنا واختياراتنا؟ لا يوجد إجماع واضح حول ما إذا كان القدر قوة موجهة أم مجرد حتمية تراكمية للأحداث. لكن في النهاية، يبقى القدر أحد الأسئلة الكبرى التي نبحث لها عن إجابة في مختلف مراحل حياتنا.
إن الشعور بأننا جزء من شيء أكبر من أنفسنا يمكن أن يكون مريحًا، خاصة عندما نجد أنفسنا في ظروف غير متوقعة أو عندما نواجه تحديات صعبة. قد نشعر أن قدرنا قد سطر لنا مسبقًا، وأن ما يحدث لنا ليس سوى نتيجة لقوة خارجية. في بعض الأحيان، قد يكون هذا الشعور مصدرًا للراحة، فنعتقد أن ما يحدث هو جزء من خطة أكبر، وأن كل شيء سيؤول إلى خير في النهاية.
ولكن ماذا عن اللحظات التي نمر بها ونحن نشعر بأننا ضحية لقدر غير عادل؟ كم من مرة شعرنا أن الحياة لا تعطي سوى القليل من الفرص، وأننا محاصرون في دائرة من الأزمات لا نهاية لها؟ في تلك اللحظات، قد يبدو القدر كعائق أكثر من كونه موجهًا. ولكن حتى في تلك اللحظات، قد يكون القدر هو ما يدفعنا للنمو والبحث عن قوى داخلية لم نكن نعلم بوجودها.
القدر ليس فقط تلك اللحظات التي نواجه فيها الصعاب. بل هو أيضًا تلك اللحظات التي نلتقي فيها بأشخاص يغيرون مجرى حياتنا، أو عندما نصل إلى هدف طالما حلمنا به. قد يأتي القدر في شكل صدفة، قد يغير حياتنا إلى الأبد. نحن لا نعرف دائمًا كيف يتشابك خيط القدر في حياتنا، ولا كيف ينسج لنا طريقًا يتداخل فيه الفرح بالحزن، والنجاح بالفشل.
لكن في نهاية المطاف، قد يكون من المهم أن نتذكر أن القدر ليس وحده من يتحكم في حياتنا. ربما يكون جزءًا من الصورة الكبيرة، لكننا نملك القدرة على اختياراتنا وتغيير مساراتنا. عندما نختار العمل الجاد، والتعلم من الأخطاء، والمضي قدمًا في ظل الظروف الصعبة، فإننا نكتب قدرنا بأيدينا.
القدر هو مزيج من ما نختاره وما يُقدّر لنا. وهو ليس عدوًا يجب أن نخشاه، بل جزء من رحلة الحياة التي تعلمنا كيف نعيشها بحكمة ومرونة. ففي النهاية، رغم أن بعض الأشياء تكون خارج إرادتنا، إلا أننا نملك القدرة على تحديد كيف نتفاعل معها، وكيف نستخدمها لتشكيل القدر الذي نريد.
المزيد من الأخبار
بيضة واحدة كافية لصيام يوم بدون تعب
انطفاء
هواجس