10 فبراير، 2025

الانتقام

Img 20250201 Wa0140

كتبت / مريم نصر 

 

الانتقام، تلك الغريزة التي تسكن في أعماق النفس البشرية، هو رد فعل طبيعي تجاه الظلم أو الأذى. عندما يشعر الإنسان بالظلم، تشتعل في داخله رغبة في استعادة كرامته أو تحقيق العدالة بنفسه، ولكن الانتقام قد يكون سلاحاً ذا حدين؛ إما أن يمنح شعوراً مؤقتاً بالرضا، أو أن يغرق صاحبه في دوامة من الغضب والألم.

 

مفهوم الانتقام:

الانتقام يُعرّف على أنه تصرّف يقوم به الإنسان لإلحاق الضرر أو الرد بالمثل على من تسبب له بالأذى. على مر العصور، ارتبط الانتقام بالرغبة في استعادة التوازن بعد الظلم، ولكنه في كثير من الأحيان يكون دافعاً لدوامة من الصراعات التي لا تنتهي.

 

دوافع الانتقام:

الرغبة في الانتقام تنبع من مشاعر قوية مثل الغضب، الحزن، أو الكراهية. أحياناً يكون الانتقام مدفوعاً بالإهانة الشخصية، وأحياناً أخرى يكون بدافع حماية الكرامة أو الدفاع عن النفس أو الأسرة. ومع ذلك، ليس الانتقام دائماً تصرفاً عقلانياً، بل غالباً ما يكون استجابة عاطفية تهدف إلى إرضاء الذات على حساب الآخرين.

 

أثر الانتقام على الفرد والمجتمع:

الانتقام قد يمنح شعوراً مؤقتاً بالارتياح، لكنه غالباً ما يترك وراءه أثراً سلبياً. على المستوى الفردي، يمكن أن يتحول الانتقام إلى حمل ثقيل من الحقد والغضب، مما يؤدي إلى تدمير السلام الداخلي. أما على المستوى المجتمعي، فإن الانتقام يمكن أن يخلق صراعات مستمرة بين الأفراد أو الجماعات، مما يؤدي إلى زعزعة الاستقرار وانتشار الكراهية.

 

الانتقام والعدالة:

بينما يُنظر إلى الانتقام على أنه وسيلة لتحقيق العدالة، إلا أن هناك فرقاً شاسعاً بينهما. العدالة تعتمد على مبادئ القانون والأخلاق، وتسعى إلى إصلاح الخطأ بطرق عادلة ومنظمة. أما الانتقام، فيعتمد على العاطفة والغريزة، وغالباً ما يؤدي إلى ظلم جديد بدلاً من تصحيح الظلم القديم.

 

بدائل الانتقام:

بدلاً من الانتقام، يمكن للإنسان أن يسعى إلى التسامح والمصالحة. التسامح ليس ضعفاً، بل هو قوة تمكن الإنسان من تجاوز الألم واستعادة سلامه النفسي. كما أن طلب العدالة عبر القنوات القانونية يمكن أن يكون بديلاً أكثر فاعلية من الانتقام الشخصي.

 

 

الانتقام هو انعكاس للألم الذي يشعر به الإنسان، ولكنه ليس دائماً الحل الأمثل. في كثير من الأحيان، يكون الانتقام بداية لسلسلة من الصراعات التي تزيد من الألم بدلاً من إنهائه. لذلك، يجب علينا أن نتعلم التحكم في مشاعرنا وأن نسعى إلى التسامح والعدالة بدلاً من الوقوع في فخ الانتقام.

“الانتقام قد يطفئ لهيب الغضب، لكنه لا يملأ فراغ الروح.”

 

 

عن المؤلف