حب منذ الولادة (٣)

Img 20250126 Wa0101

 كتبت منال ربيعي

 

تبدلت ألوان حياتي، لكن دومًا أشعر أن شيئًا ينقصها. كنت أفرح كلما شعرت بسعادته، وهو كذلك. فتح لي خزانة أسراره، وصرتُ أنا من يروي له كل ما يشعر به.

 

اتفقنا على قراءة الكتب معًا، لكن حدث ما لم أتوقعه أبدًا… مواجهته لزوجته، وردّها عليه ببرود، ثم طلبها الطلاق. كيف ترك كل شيء خلفه بهذه السهولة؟

 

لكن الأصعب، ما جعل دموعي تنساب لأجله، كان موت والدته المفاجئ. أعلم أن لكل أجل كتاب، لكنني شعرت بوحش الوحدة يطارده.

 

(مروان):

“لأول مرة أشعر بتلك الوحدة… أين أنتِ يا أمي؟

كم كان صدري يمتلئ طمأنينة وأنا كالطفل بين ذراعيك.

كم كانت دعواتك تمنحني الأمان… كنت أتحصّن بها.

الآن سأغادر… سأغادر تلك البلاد.”

 

رأت مروة رسالته، فرحت بسماع أخباره، وحاولت أن تخفف عنه، لكنها شعرت أن كلماتها لا تستطيع مجاراة قراره.

 

(مروان): “سأغادر، أختاه.”

(مروة): “متفاجئة، لماذا؟ ماذا حدث؟”

(مروان): “سأسافر غدًا لإنهاء بعض الأعمال، وأرتب أموري لمغادرة البلاد.”

(مروة): “ستسافر وحدك الآن؟”

(مروان): “بسيارتي. لا تقلقي، أنا معتاد على ذلك.”

(مروة): “استودعتك الله. كن حذرًا، وأخبرني عندما تصل سالمًا، أخي.”

(مروان): “سأفعل بإذن الله. كوني بخير. السلام عليكم.”

(مروة): “وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.”

 

حلّ الليل، وكان بطيء الحركة. بدت الساعات وكأنها تدور للخلف. مروة لم تعرف كيف جافاها النوم تلك الليلة. عقلها لم يتوقف عن التفكير… لماذا هي قلقة هكذا؟

 

أخرجت دفترها، وكتبت كلمات لم تعلم هل هي موجهة له أم لفتى أحلامها الذي كانت تخصه بالذكر دائمًا. لم تتجرأ على إرسال رسالة، لكن هاتفه كان معطلًا منذ مدة طويلة.

 

يا رب، هل حدث له شيء؟ توضأت وابتهلت لله تدعو له. لم تعرف لماذا… ولماذا هو بالذات. فقط كانت تطمئن كلما ذكرت اسمه في سياق الدعاء:

“اللهم يا رب، سلم سلم.”

 

حتى انتفض قلبها فرحًا برؤية رسالته.

(مروان): “كيف حالكِ، أختاه؟”

(مروة): “أأنت بخير، أخي؟”

(مروان): “الحمد لله، بخير.” (لكنه شعر بنفس الفرحة).

 

تبادلا الحديث حتى أرسلت له قصيدتها الأخيرة.

(مروان): “كم هي جميلة! بالله، لمن كتبتِها؟”

(مروة): “هذه كتبتها بالأمس…”

تسارعت أنفاسه. بالأمس؟! يعني…

 

الصمت طال، لكن دقات القلوب كانت تفصح عن كل شيء.

(مروان) جمع كل شجاعته وقال:

“أنا… أحبكِ، وربي.”

 

مروة شعرت بالحياء يطغى عليها. خجلت ولم تعرف كيف ترد. تسارعت أنفاسها وقلبها ينبض كالسجين الذي طالت مدة حبسه…

 

… يتبع.

عن المؤلف