ملاك عاطف
دائمًا ما يختبئ الصّمت وراء ظهر العجز، ويتجلّل عمدًا بانعدام الرّد القاتم، بل ويلتحف بكلّ صفات الحجارة حتّى إذا مزجت بكيانه وأعلنت الحلول استحالةَ فصلهما عن بعضهما البعض، غرق في عمق ذاته، حيث ظلمات اللا جواب، وتخشّب ردّات الفعل، وذوبان الأصوات، وإغماءة اللغة، سكوتٌ على سكوت، والأيّام شهودٌ عليه وهو يلفّ نفسه على كلّ شيء، وعلى كلِّ روحٍ، وقلبٍ، وحياة، ثمّ يرتمي مسلّمًا نفسه لعتوّ عواصف الهدوء القاتلة!
هذا الصّمت يا عزيزي، بعيدًا عن الحجج، والأعذار، والمبرّرات الّتي يستند عليها -ودعك من أنّها تهوي به في هوّة الجريمة- هو مرفوضٌ قطعًا، ولا يكفله أيّ دستور، ولا تدثّره أيّ شفقة، ولا تحميه أيّ عاطفةٍ، ولا تصدّ التهمةَ عنه أية وسيلة دفاعٍ مهما كانت؛ لأنّه حين تجفّ الكلمات، يصبح الصّمت خيانةً معلنة، خيانةً قاسيةً موجعةً مؤذية، لا تعرف سوى التّفرّج! بينما يظلّ ذاك المكروب يشخص؛ منتظرًا بصيص همسة، أو فتات حرف، أو رماد كلمة؛ كي يتشبّث بها، ويقدّمها لروحه على أنّها قشّة النّجاة. “حين تجف مياه الكلمات، يصبح الصّمت خيانة!” وحين تتجلط القلوب بالخذلان، وحين تصطدم الآذان بالفراغ، ولا تجد من يتصدق عليها بشقّ مواساة، وحين تتقطع ظلال الدعم اللساني المعنوي، يصبح الصمت يا سيدي /مع شديد الأسف الذي لا حاجة لك به/ خيانة!
المزيد من الأخبار
لا تحرق نفسك
استغفار
صعوبة الشرح تجبرنا على الصمت دائمًا