كتبت منال ربيعي
. ياسمين ردت بخجل: “متأسفة، أنا ورايا شغل.”
تأسف منها كثيرًا وانصرف، يملؤه الخجل والخزي.لملمت نفسها حين انصرف، كأنها كانت مشتتة تتبعثرت، فجمعت شتات روحها بقبلة من نار. انصهرت روحه معها، وغاصت في أعماق قلبه، فرقصت وغردت والتقطت روحها قبل أن تغرق فيه..
ماذا لو تركت العنان لروحها وتركته يعيث في ملامحها ويجمع ما بقلبها من آلام؟ هذا مس من الجان وليس حبًّا! لعله نفر من الجن تجسد لها ليخطف قلبها ويبتلع روحها بقبلة..
آه، لو تركته يقبلها! هل هي ساقطة أم أن تلك الروح لا يحكمها قانون الجسد؟ ماذا لو تركت سلطة الحكم لروحها…
لم يستسلم للرحيل، عاد وهو يصر على الفوز بقلبها. استكان ولمع الحب في عينيه.. عاد وطرق بابها مرة أخرى. انتفضت حين رأته عائدًا، نظرات العشق تطل من عينيه بلفتة حب. اقترب منها.
**شوقي**: “حاسس بيكي أوي.. أنا كمان اتجننت، كأني مسحور. أنتِ مش معقولة!”
**ياسمين** ردت وهي تنتفض: “أنا مش عارفة والله حصلي إيه، ولا ده له تفسير. لكني مش حد وحش ع فكرة.”
**شوقي** وضع أصابعه على شفتيها: “شش.. عارف ده؟ أنتِ ملاك. والله فاهم وحاسس كل شيء. أنا كمان مش عارفة حصلي إيه من وقت ما لمحتك، وأنا هتجنن وأكلمك. أنا كنت بسمع عن الحب من أول نظرة، بس أنا حبيتك بمجرد ما لمحتك. روحي اتخطفت.” (ردّ بصدق)
“أنا بحبك أوي، والله ما بكذب.”
**ياسمين**: “أنا كمان والله حاسة لكل كلمة قلتها، كأني عشت معاك سنين. روحي اتخطفت حقيقي.”
اقترب منها وضمها بقوة إلى صدره. هدأ نبضه وكأن الدنيا عادت لسنتها الأولى. رجل وامرأة جمعهما حب بلا أي قيد. هو رجل فقط يهب ويمنح، وهي أنثى خلقت للحب..
هل اللقاء هذا أول لقاء ولمسة؟ تشعر أنه من نحت جسدها سابقًا، كأنها دمية. شفتاه تنفثان آهات وعبارات محمومة، وهو يقبلها كأنه يعتصر رحيقها ويبتلعه. جملة، ثم ينقض على ثديها يلتقمه كرضيع ضاع في شتات الأرض وعاد يتلقم ثدي أمه بنهم. لا تقدر على شيء سوى أن تسلم وتبارك وتمنح روحها بسلام. تحبه، لا تعرف متى أو أين أو كيف. حتمًا كان هناك لقاء في زمان ما. هي ملكته، وهو مليكها. عبدها، وهي أسيرته. لا تعلم أهما جسدان أم روحان، وانقسمت.
أقسمت عليه بلا كلام، فاجتاح أرضها وصارت أرضه. هو سماؤها. يقبلها، يعتصرها، يرتشف رحيقها كأنه خبير بجسدها. فكل لمساته تدخلها في خدر لذيذ الطعم. لم تتذوب هكذا قط، ولم يتذوق هو كشفتيها قط. لا يشعران بشيء، كأنهما يطوفان حول شيء يملؤهما سلام. يغرقان في أعماق الحب ويعودان لشاطئ الوعي. يدركان أنها حقيقة. كيف لهذا الحب أن يكون؟ ومن قال له “كن”؟ لا تسأل، فالروح ذابت والقلب يرقص فرحًا باللقاء..
لم يكترث لتأوهاتها ولا لصوتها الذي يهدر خوفًا. ضمها إليه ونطق بصدق: “من اليوم لن نفترق ما حييت. ستكوني سكني ودنيتي اقترب شوقي منها ببطء، كأنه يخطو نحو حلم يخشى أن يتبدد. مد يده وأمسك بيدها برفق، كأنه يحمل شيئًا نادرًا يخاف عليه من الانكسار. التقت نظراتهما في لحظة صمت، ثم همس بصوت مفعم بالصدق:
“ياسمين، أنتِ أكثر من مجرد حلم بالنسبة لي. أنتِ الحياة التي لم أكن أعلم أنني أبحث عنها.”
ارتعشت كلماته في قلبها، فابتسمت بحياء وعيونها تلتمع بدموع لم تجد طريقًا للفرار. ردت بصوت يفيض حنانًا:
“وأنتَ النور الذي لم أتوقع أن يطرق بابي. لم أشعر من قبل بهذا السلام الذي ملأ روحي منذ أن رأيتك.”
ضمها إليه بخفة، كأنهما قطعة واحدة أعيد جمعها بعد ضياع طويل. همس في أذنها:
“أعدك، سأكون هنا دائمًا، سأحميكِ وأحملكِ في قلبي ما حييت.”
رفعت عينيها إليه، وهي تشعر أن الوقت توقف وأن كل شيء في العالم خارج هذا اللقاء أصبح بلا قيمة. قالت له:
“أريد أن أعيش معك كل شيء، الحزن والفرح، الخوف والأمل، المهم أن نبقى معًا.”
وفي تلك اللحظة، شعرا وكأن الكون كله بارك اتحادهما. كان اللقاء بداية حياة جديدة، مليئة بالحب والدفء والتفاصيل الصغيرة التي تمنح الحياة معناها الحقيقي. النهايه
المزيد من الأخبار
أميرة الماضي الأسود – الجزاء الخامس
أتيتها وأتتني
السم الحديث