محمد عبدالحميد في حوار خاص لمجلة إيفرست الأدبية

Img 20241223 Wa0001

 

 

 

الصحفية: نور ناز

 

في عالم الأدب الحديث، يظهر الكثير من الأصوات الجديدة التي تحمل رؤى وأفكارًا مبتكرة. اليوم، نلتقي بأحد هذه الأصوات الشابة التي تعبّر عن تجاربها وأحلامها من خلال الكتابة. حيث ينسج “كاتبنا” قصصه بأسلوب فريد يعكس تطلعات جيله.

س/  بداية ممكن تعرفنا بنفسك؟

 

ج/ أنا الكاتب محمد عبدالحميد ، مصري الجنسية، وُلدت في ثمانينات القرن الماضي، وحاصل على درجة البكالوريوس من كليتي التجارة والإعلام.

 

س/  كيف اكتشفت موهبتك؟ وكيف قمت بتطويرها؟

 

ج/ لقد كانت الكتابة مجرد هواية بالنسبة لي منذ الصغر، بينما كانت ميولي الدراسية علمية، حيث كنت أطمح في الالتحاق بكلية الهندسة. لكن قبل تحقيق هذا الحلم، أصبت بمرض نادر أثر على جهازي العصبي ومستوى تحصيلي الدراسي. خلال تلك المرحلة الصعبة، أصبح الكتاب صديقي الوفي الذي لا يفارقني، مما ساهم في تحول ميولي نحو الأدب، وأصبح حلمي أن أكون كاتبًا. ومع ذلك، كانت كتاباتي تفتقر إلى الوعي الكافي، لذا لم تكن ترتقي إلى مستوى الكتابات القيمة.

لكنني كنت أسعى جاهدًا لتحسين قدراتي، حيث كنت أفتح صفحات أي رواية على رفوف مكتبتي بطريقة عشوائية، وأختار فقرة معينة، ثم أحفظ مغزاها جيدًا لأعيد صياغتها بأسلوبي الخاص. حتى جاء يوم الخامس والعشرين من يناير عام 2011، الذي فجّر في داخلي طاقة عجيبة، حيث أصبحت متابعًا جيدًا للأخبار ومطلعًا على كل ما يجري. وازداد معدل قراءاتي في تلك الفترة، وتفجرت لدي القدرة على الكتابة، فأنشأت مدونة حققت نجاحًا معقولًا. ومن تلك اللحظة، انطلقت في عالم الكتابة دون توقف.

 

س/  كيف تتأكد من دقة عملك؟

 

ج/ في البداية، لم تكن لدي الخبرة الكافية لمعرفة كيفية التأكد من صحة عملي، فكنت أستعين بمدقق لغوي يتقاضى أجرًا مرتفعًا. لكنني أدركت لاحقًا أن هذا الأمر لا يتطلب كل هذه التكلفة، فبدأت أعتمد على التكنولوجيا في المراجعة. ومع أن دقة التكنولوجيا في المراجعة اللغوية مهمة، ولكن يجب على الكاتب أن يكون ملمًا بقواعد اللغة ليتمكن من اكتشاف الأخطاء المحتملة. وبعد ذلك، تأتي مرحلة المراجعة من قبل دور النشر، مما يمنحني درجة كبيرة من التأكد من دقة العمل.

 

س/ برأيك كيف يتعامل الكاتب مع النقد؟

 

إن النقد ضروري جدًا للكاتب، سواء أتى من متخصص أو قارئ عادي. لكن الكاتب وحده هو القادر على تقييم هذا النقد ومعرفة كيفية الاستفادة منه. قد يكون النقد بمثابة تنبيه لنقطة غفل عنها الكاتب. أما إذا كان النقد بدافع الرغبة في الظهور، فيعتبر نقدًا سلبيًا لا قيمة له. ومع ذلك، يجب على الكاتب أن يقبل هذا النقد بصدر رحب، دون أن يعتبر نفسه في حرب يجب أن يثبت فيها صحة وجهة نظره، رغم أنه ربما لن يستفيد منه أدبيًا.

 

س/ من هو الكاتب الذي أثر في نفسك؟

 

ج/ كل كاتب أقرأ له يترك في نفسي أثرًا عميقًا، ولكن أول من أثر فيني هو الكاتب أنيس منصور، بالإضافة إلى عميد الأدب العربي، الدكتور طه حسين. ولا يمكنني إغفال دور كاتب نوبل، نجيب محفوظ، في صقل موهبتي. وهناك أيضًا أسماء لامعة أخرى مثل الأستاذ إبراهيم عيسى، والكاتب الكبير إحسان عبد القدوس، وتوفيق الحكيم، وأحمد أمين، وعلاء الأسواني، وعصام يوسف، وخيري شلبي، ويوسف إدريس، وعزت السعدني، ودكتور أحمد عكاشة، وهيثم دبور، ووليد فكري. ومن الكتابات النسائية، أخص بالذكر الدكتورة رضوى عاشور، والأستاذة أحلام مستغانمي، مع كامل تقديري واحترامي لكل هؤلاء الكتّاب.

 

س/ ما هي إنجازاتك؟

 

ج/ لقد أصدرت سبع كتب من قبل، وثلاثة في هذا العام، أي أن المجموع عشرة كتب حتى الآن. ففي عام 2000، أصدرت مجموعة قصصية بعنوان “مواقف في الحب”، وفي نفس العام، صدرت مجموعة مقالات سياسية تحت عنوان “عودة المتأسلمون”. وفي العام التالي، نُشرت أول رواية لي، وهي “آخر 18 يوم”، بالإضافة إلى الجزء الثاني من “عودة المتأسلمون”. في العام الذي تلا ذلك، أصدر رواية بعنوان “الحب في أيام فاتت”، وبعدها بعام، نشرت كتابًا في الأدب الساخر بعنوان “الرأس وهز الوسط”، مع رواية “يوميات سقراط”.

أما هذا العام، سأصدر ثلاثة أعمال جديدة: رواية “أنا مشمش”، التي كتبتها بالكامل باللهجة المصرية، مما مثل تحديًا لي في استخدام هذه اللغة بطريقة غير مبتذلة. وهي عبارة عن قط يروي ما حدث له في العمارة التي كان يعيش فيها، وطرد منها شر طردة! كما ستصدر مجموعة قصصية بعنوان “حب بعد غربة”، والتي تحتوي على 14 قصة تتناول مواضيع هامة تتعلق بالحب. والرواية والمجموعة القصصية ستصدر بإذن الله في معرض الكتاب القادم عن طريق دار طريق العلا.

أما الكتاب الثالث، الذي سيصدر عن دار ريشة، فسيكون بعنوان “مبدعون قهروا الإعاقة”، ويتناول 16 سيرة ذاتية لمبدعين أثروا في حياتنا رغم أن لديهم إعاقات جسدية مختلفة، وأوضح – في الكتاب – حجم التحديات الاجتماعية التي واجهها هؤلاء الأبطال في سبيل تحقيق مبتغاهم.

 

س/ هل واجهت صعوبات؟

 

ج/ بالتأكيد، فقد واجهت صعوبات كبيرة كغيري من الكتّاب. من أبرز هذه التحديات هو إيجاد دور نشر تراعي حقوق الكاتب وتساهم في تقديره وإكباره، فضلاً عن ضرورة وعي المجتمع بأهمية الكاتب وتأثيره على العقل الجمعي، مما يساهم في صنع القرار في المستقبل. ولكن، للأسف، الكثير من هذه الأمور مفقودة. ويبذل الكاتب جهودًا جبارة لتحقيق ذلك، ومع ذلك، فإن الكاتب الذي يعاني من إعاقة حركية مثلي يحتاج إلى جهد مضاعف لإثبات نفسه في المجتمع.

 

س/ ما هي طموحاتك في المستقبل؟

 

ج/ أحمل في صدري حلمًا شخصيًا يتمثل في أن أكون من أبرز كتّاب الوطن العربي. كما أن لي طموحًا آخر يتجاوز حدود الذات، يتمثل في رؤية مجتمعنا مثقفًا وواعيًا، لا يُقيم الناس بناءً على مظاهرهم، بل على ما تحمله عقولهم من أفكار. كي يُعطى الكاتب القيمة التي يستحقها، لتصبح مكانته أعلى من مكانة لاعبي الكرة والراقصات ومطربي المهرجانات.

 

س/ قم بتوجيه رسالة للمواهب المبتدئة؟؟

 

ج/ أنصح المواهب المبتدئة بأن يداوموا على القراءة ولا يتوقفوا عن التعلم من رواد الأدب، حتى يتجنبوا تكرار الأخطاء التي وقع فيها الآخرون، ويستفيدوا من تجارب نجاحاتهم.

 

س/ في الختام، ما رأيك في هذا اللقاء، وما رأيك أيضًا في مجلتنا “إيفرست”؟

 

ج/ في النهاية، يجب أن أشكركم على هذا الحوار الممتع والشيق. إن مجلتكم “أفريست” رائعة حقًا، تسير بخطى ثابتة نحو تحقيق أحلام الكتاب والأدباء، وتساهم في تسليط الضوء على من يستحقون أن يكونوا نجوم المجتمع.

عن المؤلف