📘 اسم الكتاب: الهارب والمطارد – فلسفة التعلّق والانسحاب
✍️ اسم الكاتب: هانى الميهى
الفصل العاشر: حين يسكت الطرفان ويظلّ الوجع ناطقًا
🔹 الجزء الأول
هناك لحظة في كل علاقة،
يصل فيها الطرفان إلى صمتٍ يشبه النهاية،
لكنّه في الحقيقة ليس إلا استسلامًا مؤقتًا بعد معركةٍ طويلة.
كأنّ الكلام نفسه قد تَعِب،
فانزوى في زاويةٍ داخل القلب ينتظر من يجرؤ على بعثه من جديد.
حين يسكت الاثنان،
تظنّ أنّ الهدوء قد عاد،
لكنّك لا تدري أنّ داخل كلٍّ منهما ضجيجًا لا يُحتمل.
صوت الأسئلة التي لم تُسأل،
وصدى الاعتذارات التي لم تُقال،
والوجع الذي لا يجد طريقه إلى الفهم.
ذلك الصمت ليس سلامًا،
بل هدنة بين قلبين مرهقين.
كلاهما يعرف أنّ الكلمة التالية ستكون إمّا خلاصًا أو انكسارًا،
فيختار الصمت على أمل أن تمرّ العاصفة وحدها.
لكن العواصف لا تهدأ بالصمت،
بل تزداد شراسة حين لا تجد من يواجهها.
في هذا السكون الموجع،
يبدأ الخيال في نسج قصصٍ لا وجود لها،
وتتحول النوايا الطيبة إلى ظنونٍ قاتلة.
فمن لا يسمع تفسيرك،
سيُفسّر وحده.
ومن لا يراك تقترب بصمتك،
سيظنّك انسحبت عمدًا.
أيها القارئ،
هل جرّبت يومًا أن تكون في منتصف المسافة؟
لا أنت قادر على الحديث،
ولا قادر على الرحيل؟
هناك، تحديدًا، تنضج كلّ الأحاسيس المرهقة،
ويتحول الحبّ إلى اختبارٍ لا يُجيده إلا القليل.
فالصمت بين اثنين كانا يتكلمان كثيرًا،
أقسى من الفراق نفسه.
إنه ليس غياب صوتٍ واحد،
بل غياب اللغة التي كانت تجمعهما ذات يوم.
🕊️ وحين يسكت الطرفان،
يظلّ الوجع ناطقًا بلغته الخاصة،
لغة لا تُكتب ولا تُقال،
لكنها تُوجع كأنها الحقيقة كلها.
#الهاربوالمطاردفلسفةالتعلقوالانسحاب
#هانى_الميهى






المزيد
شيء يُضاهي التلاقي، ولا شيء يُشبه نظرة الإنسان إلى الإنسان بقلم إيثار الباجوري
الحروب دمار القلوب بقلم مريم الرفاعي
لا يستحق أحد التضحية بقلم سها مراد