كتبت: خولة الأسدي
لطالما قيل: إنَّ الشدائد هي من تكشف معادنَ الناس، ونعرف منها من يحبُّنا، ومن يكره.
ولكنِّي، في الحقيقة، لم أعرفْ حقيقةَ مَن حولي إلَّا في مسرَّاتي، لا العكس!
وعلَّمتني الحياةُ أنَّ التعاطفَ في الأتراحِ ليس شرطًا أن يكون دليلًا على الحبِّ، وقد لا يكون أكثرَ من تعاطفٍ إنسانيٍّ بحت، وأنَّ مَن يحبُّنا بحقٍّ هو مَن يتألَّمُ لأحزاننا، ويفرحُ لنجاحنا، فيسرُّه ما يسرُّنا، ويُحزنه ما يُحزننا.
وأمَّا أنا، فلم أملكْ ذلك الشخصَ الذي أستطيعُ مشاركتَه مسرَّاتي الصغيرة، وكلي يقينٌ من سعادته بها لأجلي.
وقبل أن أكتشفَ وحدتي هذه، كنتُ أُسارعُ كالبلهاء إلى مَن ظننتُهم أقربَ الناسِ إليَّ، أُبشِّرُهم بطفوليَّةٍ حمقاء، وأنا أنتظرُ منهم مشاركتي فرحتي، كما تُحتِّمُ عليهم مكانتُهم مني، ولكني كنتُ أتفاجأ بردودِ أفعالٍ غير منتظَرةٍ ولا متوقَّعة، تنعكسُ على مرآةِ روحي وَجعًا، يُفتِّتُ كلَّ المسرَّات التي أتيتُ أحملُها ببساطتي، لأُقاسمَهم إيَّاها، غيرَ مُدركةٍ لمشاعرَ أخرى كثيرة، كالحسدِ والغيرةِ مثلًا!
وهكذا، علَّموني كيف أبتسمُ ببؤسٍ حين يُفترضُ بي الرقصُ فرحًا!
وكيف أئِدُ سعادتي حيَّة، وأتعاملُ مع كلِّ نجاحٍ ذاتيٍّ، لم يأتِني بسهولةٍ أبدًا، كأنَّه لا شيء، تمامًا كشخصي الذي يصفونه بالنَّكِرة، كلَّما طابَ لهم التعبيرُ عن مكنونِ أنفسهم المدَّعيةِ للحبِّ!
وصدِّقني، إنَّه لشعورٌ موجعٌ حدَّ البكاء، هذا الشعور، ولا يمكنُ لأحدٍ فَهمُه إلَّا مَن عانَى منه؛ فلا تُصدِّقْ بعدَ الآن مَن يقول: إنَّ أوقاتَ الشدَّةِ هي من تكشفُ لنا أحبَّاءنا من الأعداء.
فأحبَّاءُ الرُّوح هم مَن يتبنَّون أحلامَنا، ويرَون في نجاحِنا نجاحَهم، وغيرُهم غُرباءُ ولو كانوا أقرباء!
المزيد من الأخبار
نهاية وهم
تحرر من قيودك!
أسرار اللحظات الصامتة