كتبت/ مريم نصر
التيه… حالة من الضياع تمتد بين العقل والقلب، بين الطريق الذي كنا نظنه واضحًا، والمفترقات التي باغتتنا دون سابق إنذار. هو الشعور بأنك في منتصف رحلة لا تعرف بدايتها ولا ترى نهايتها، أن تخطو بخطوات مترددة، تبحث عن اتجاه لكنك لا تجد سوى الغموض.
التيه ليس مجرد فقدان لطريق، بل هو فقدان للإحساس باليقين. أحيانًا نضيع وسط زحام الحياة، بين القرارات المتشابكة، بين ما نريده حقًا وما يفرضه علينا الواقع. نشعر وكأننا عالقون في نقطة لا تنتمي للماضي ولا تنتمي للمستقبل، فقط حاضر ضبابي يحيط بنا.
هناك تيه داخلي، عندما لا نعرف ماذا نريد، عندما تتداخل الرغبات مع المخاوف، فنجد أنفسنا ندور في دائرة من الحيرة. وهناك تيه خارجي، عندما يضيع الطريق أمامنا، عندما نفقد المكان الذي نشعر فيه بالأمان، أو الأشخاص الذين كنا نظن أنهم وجهتنا.
لكن التيه ليس دائمًا نهاية، بل قد يكون بداية. فقدان الطريق أحيانًا هو الفرصة الحقيقية للبحث عن طريق جديد، للتأمل في أنفسنا، لإعادة ترتيب أولوياتنا. التيه يعلمنا أن الحياة ليست دائمًا مستقيمة، وأن الضياع قد يكون جزءًا من الرحلة، لا عائقًا فيها.
المهم في لحظات التيه ألا نستسلم، ألا نجعل الضياع يبتلعنا، بل أن نبحث في داخلنا عن بوصلة تقودنا للخروج منه. ربما يكون الحل في التوقف للحظة، في الاستماع لصوتنا الداخلي، في إعادة تعريف ما نبحث عنه.
في النهاية، كل إنسان يمر بلحظات تيه، لكن القليل فقط من يستطيع أن يحولها إلى نقطة تحول. التيه ليس خوفًا، بل فرصة لأن نجد أنفسنا من جديد، بطريقة أكثر عمقًا، وأكثر صدقًا.
_مــريــم نــصــر
المزيد من الأخبار
بيضة واحدة كافية لصيام يوم بدون تعب
انطفاء
هواجس