سراب

Img 20250206 Wa0398

كتبت/ مريم نصر 

 

السراب، ذلك الوهم الذي يراه الإنسان في الصحراء، فتلمع أمام عينيه بحيرة ماء في الأفق، فيركض نحوها بكل قوة، ليكتشف في النهاية أنها لم تكن إلا سرابًا، وهما خادعًا لا وجود له. لكن السراب ليس ظاهرة طبيعية وحسب، بل هو صورة متكررة في حياتنا، تعكس العديد من التوقعات والآمال التي نبنيها على أساس غير ثابت.

كم مرة سعينا وراء حلم، وركضنا نحو هدف، ظننا أنه سيكون نهاية سعادتنا، لنكتشف بعد الوصول أنه ليس كما تصورنا؟ كم مرة وثقنا في وعد، أو في شخص، لنكتشف أنه لم يكن أكثر من سراب؟ تلك اللحظات التي تشعر فيها أنك اقتربت من تحقيق ما ترغب فيه، لتجد في اللحظة الأخيرة أن كل ما فعلته كان عبثًا.

السراب قد يكون أحيانًا أحلامًا بعيدة المنال، أو علاقات كاذبة، أو حتى أشياء ظننا أننا بحاجة إليها لنشعر بالاكتمال. هو ذلك الأمل الذي نضع فيه كل طاقاتنا، لنفاجأ لاحقًا أنه لا شيء سوى وهم. لكن هل يعني ذلك أن السراب هو نهاية الطريق؟

السراب يعلمنا درسًا قاسيًا: أن الحياة ليست دائمًا كما نراها، وأن الطموحات تحتاج إلى تقييم واقعي. لكنه أيضًا يعلّمنا أن لا نتوقف عند أول سراب، أن نستمر في البحث عن الحقيقة، وأن نتعلم من كل محاولة فاشلة. فسراب اليوم قد يكون دليلًا لنا نحو الطريق الصحيح في المستقبل.

في النهاية، السراب هو جزء من الحياة، وهو لا يعني الفشل بقدر ما هو دعوة للتعلم والنمو. علينا أن نثق في أنفسنا، وأن نعيد ترتيب أهدافنا باستمرار، فحتى لو كان السراب قد خدعنا مرة، فلن يكون هو النهاية، بل بداية لفهم أعمق وأكثر واقعية عن العالم من حولنا.

 

عن المؤلف