صمت

Img 20250206 Wa0393

كتبت/ مريم نصر 

 

الصمت ليس مجرد غياب للكلمات، بل هو لغة بحد ذاته، يتحدث حين تعجز الحروف عن التعبير، ويكشف ما تخفيه النظرات. أحيانًا يكون الصمت راحة، وأحيانًا يكون وجعًا، لكنه في كل حالاته يحمل معاني أعمق مما يمكن للكلمات أن تصفه.

هناك صمتٌ يعبر عن الرضا، حين لا تكون هناك حاجة للكلام، لأن القلب ممتلئ بالطمأنينة. وهناك صمتٌ يغلف الحزن، حين تصبح المشاعر أكبر من أن تُقال. أحيانًا نصمت لأننا لا نجد من يفهمنا، وأحيانًا نصمت لأننا نعرف أن الحديث لن يغير شيئًا.

الصمت بين الأحبة قد يكون راحة، حيث تكفي النظرات والابتسامات لتوصيل كل شيء. لكنه أيضًا قد يكون جدارًا من البعد، حين يصبح كل طرف غارقًا في عالمه، غير قادر على مشاركة ما بداخله. بعض الصمت يقربنا، وبعضه يبعدنا أكثر مما نتصور.

في لحظات الغضب، قد يكون الصمت قوة، يمنعنا من قول كلمات قد نندم عليها لاحقًا. لكنه أيضًا قد يكون خذلانًا، حين ينتظر منا أحدهم ردًا أو دفاعًا، فلا يجد سوى الفراغ. هناك أوقات يكون فيها الصمت حكمة، وأخرى يكون فيها ضعفًا، وكل شيء يعتمد على الموقف والسياق.

لكن أخطر أنواع الصمت، هو ذلك الذي نمارسه مع أنفسنا، حين نهرب من مشاعرنا الحقيقية، ونخفيها حتى عن ذواتنا. حين نرفض مواجهة الألم، أو نعجز عن التعبير عن ما نشعر به. هذا الصمت قد يبدو هادئًا من الخارج، لكنه في الداخل ضجيج لا ينتهي.

ورغم ذلك، يظل الصمت أحيانًا هو الحل الأمثل. ففي عالم يضج بالكلام والصخب، يصبح الصمت ملاذًا، لحظة تأمل تعيد ترتيب أفكارنا، وتمنحنا وضوحًا لا نجده في زحمة الأصوات. فليس كل صمت ضعفًا، وليس كل كلام قوة، وأحيانًا يكون الصمت هو أكثر ما نحتاجه لنفهم أنفسنا والعالم من حولنا.

 

عن المؤلف