كتبت منال ربيعي
لم تكن سندريلا تحلم بالقصر بقدر ما حلمت بذراعيه، ولم تكن تهتم بثرائه بقدر ما افتتنت بعينيه حين كان يرقص معها في تلك الليلة الساحرة. ظنت أن الحب هو وعد لا ينكسر، وأن الأمير الذي بحث عنها بحذاء زجاجي سيظل ممسكًا بيدها حتى آخر العمر.
لكن الزمن ليس خادمًا للحكايات، ولا الأمراء يظلون أمراء بعد انتهاء الحفل.
حين صارت أماً، لم تعد هي الفتاة الرقيقة التي تلهب خياله، بل أصبحت امرأة محملة بالسهر والتعب، بصوت رضيع يبكي ليلًا، وعيون غاب عنها بريق الحكايات. صار الأمير يطيل النظر في وجوه الغريبات، يبحث عن أخرى تشعل فيه تلك النشوة العابرة، كأن قلبه بلا ذاكرة، كأن الرقص كان طقسًا لا عهدًا.
وحين التفتت إليه، وجدت الفراغ جالسًا في مكانه، والأحلام القديمة مكدسة في زوايا القصر مثل أثاث لم يعد يناسب المكان. عرفت أن الحذاء الزجاجي لم يكن إلا قيدًا، وأنها كانت أميرة فقط حين كانت حافية القدمين، تركض في الشوارع دون أن تفكر في بروتوكولات القصر، دون أن تخاف من تجاعيد الزمن.
في ليلة باردة، خلعت الحذاء ووضعته بجانب الباب، ثم مشت على الأرض العارية كما كانت يوم التقته، كأنها تستعيد شيئًا ضاع منها في زحمة الأيام.
ربما لم تكن بحاجة إلى أمير، ربما كان عليها أن تختار حكاية أخرى منذ البداية
المزيد من الأخبار
وجع الانتظار ومتاهة الاختيار
الألم
الورقة