الكاتبة إسراء أبو مضاوي في حوار خاص لمجلة إيفرست الأدبية 

Img 20250124 Wa0060

 

 

حوار: عفاف رجب

 

مرحبًا مرة أخرى قارئ إيفرست معنا اليوم موهبة أدبية جديدة، ترى أن الكتابة هي وسيلة للتعبير عن أفكارنا وأحاسيسنا، وهي مرآة لروح الكاتب، تعكس رؤيته للعالم ومفاهيمه. الأدب بالنسبة لها ليس مجرد كلمات على ورق، بل هو سُلطة قد تغير وجهات النظر وتثير الوعي. هو رحلة لا تنتهي من التعلم والتطور، مليئة بالانفعالات الإنسانية والتجارب الحياتية التي نمر بها جميعًا.

 

تأثرت بقول الكاتب العربي نجيب محفوظ: ‘الكتابة نوع من أنواع الهروب، لكنها هروب نحو الحقيقة’. هذه المقولة تُعبّر عن كيف أن الكتابة تتيح لنا الهروب من واقعنا إلى عالم من الإبداع، لكنها في نفس الوقت تكشف لنا أعماق الحقيقة وتسمح لنا بمواجهتها بطرق غير مباشرة.”

 

معنا إسراء محمد أبو مضاوي، فتاة من البحيرة.. تبلغ من العمر أربعة عشر عامًا، بدأت رحلتها مع الكتابة في سن مبكر.. كانت الكتابة بالنسبة لها ملاذًا آمنًا ونافذة واسعة تعبر من خلالها عن مشاعرها وأفكارها العميقة… ففي ظل ما واجهته من مشكلات وضغوط أثقلت كاهل طفولتها، وجدت في الكتابة وسيلة لتخفيف العبء الذي تحمله على قلبها الصغير..

لم تكن الكلمات مجرد أحرف على الورق، بل كانت صرخات صامتة، تبوح بأحزانها وآمالها وتروي قصصها للعالم دون خوف أو تردد. عبر الكتابة.

تلك الكلمات التي خطتها يداها الصغيرة لم تكن مجرد حروف متناثرة، بل كانت مرآة صافية لعالمها الداخلي.. ومع كل قصة تكتبها، كانت تكتشف المزيد عن نفسها وعن قوتها الكامنة، لتصبح الكتابة ليس فقط مهرباً، بل طريقاً نحو النضوج والتعبير الحر.

 

رواية إيستازيا:

كانت “إيستازيا” رحلة إلى عوالم الخيال، حيث تدور أحداثها حول شاب يعيش حياة عادية في ظاهرها، لكن داخله كان يحمل سراً عميقاً؛ قوة خارقة لا يدرك كنهها.. طوال حياته حاول أن يثبت للناس حقيقة ما يمتلكه من قوة خارقة، لكنهم لم يصدقوه، فظل يعيش في عزلة نفسية ثقيلة.

وفي يومٍ مشؤوم، يتغير مجرى حياته تماماً حينما يكتشف أنه ليس من هذا العالم، بل من مملكة سحرية تُدعى “إيستازيا”.. مملكة كانت يوماً ما رمزاً للنور والسلام، لكنها سقطت في براثن الشر حين اجتاحها الغزاة وقتلوا والديه دون رحمة..

يتحول الشاب من شخص عادي إلى بطلٍ مقدّر له تحرير شعبه، فيعود إلى “إيستازيا” ليواجه الأشرار الذين دمروا وطنه.. في كل خطوة من رحلته، يجد نفسه في معركة شرسة مع قوى الظلام، لكن قلبه ينبض بعزم لا يلين للانتقام لوالديه وإعادة السلام لمملكته.

اقتباس من رواية إيستازيا:

“عندما نحب شخصًا، يتغير كل شيء. نرى العالم بألوان لم نكن نعرفها من قبل.. الحب مثل نجوم الليل الساطعة، يرشدنا في الظلام ويمنحنا دفئًا لا يمكن وصفه، وأنتِ يا ليان، أنتِ نجمتي.”

Messenger Creation 50db1a80 A6de 47f4 B881 1422d9d79c6d

تكتب رواية أخرى أيضاً تسمي “لعنة الطابق المشؤوم”

هي حكاية مليئة بالغموض والإثارة، تدور أحداثها في مستشفى قديمة تحمل بين جدرانها أسراراً مظلمة.. في أحد أيام الماضي الغامض، قُتلت ممرضة بطريقة مروعة ودفنت قصتها في ظلال النسيان.

بعد سنوات، تصل فتاة شابة من الريف إلى هذه المستشفى للعمل كممرضة. كانت تأمل أن تجد في هذا المكان فرصة لبداية جديدة، لكنها تجد نفسها أمام ألغاز لا تُفسَّر.. روح الممرضة المقتولة تبدأ بالظهور لها، تبعث برسائل غامضة وتدفعها للبحث عن الحقيقة المدفونة.

تخوض الفتاة مغامرات محفوفة بالخطر، تحاول فيها فك لغز الجريمة التي وقعت في الطابق المشؤوم، لتجد نفسها متورطة في شبكة من الأسرار التي تربط بين الماضي والحاضر، وتكشف عن خفايا لم تكن تتوقعها.

اقتباس من رواية لعنة الطابق المشؤوم:

كان يتأملها وكأن الزمن انكمش إلى لحظة واحدة تتجلى فيها ملامحها، وكأن الكون بأسره قرر أن يُوجِد نفسه في حضورها.. اقترب بخطواتٍ بطيئة، كمن يخشى أن تتلاشي أمامه كحلمٍ أبدعته ليلةُ قمرية.. قال بصوتٍ عميقٍ، يحمل بين طياته انكسارًا خفيًا: “أيُّ لغةٍ يمكنها أن تحتضن هذا الجمال الذي يسبق التصور؟ كيف لشفاهي أن تجرؤ على وصف امرأةٍ كأنها آيةٌ استُلت من دفتر السماء، مكتوبةٌ بماء النور؟ أنتِ يا من اختُزلت فيكِ أقدارُ الحُسن.”

Messenger Creation 47b7d837 870a 4b04 9554 D70b0fc02484

هاتان الروايتان هما انعكاس لقدرة الكاتب على نسج عوالم ساحرة ومليئة بالإثارة، تجذب القارئ من أول صفحة حتى آخر حرف.

 

 

-متى اكتشفتِ قدراتكِ على الكتابة والإبداع، أم هي موهبة فطرية، ومتى كانت نقطة إنطلاقكِ؟

اكتشفتُ قدراتي على الكتابة عندما شعرتُ أنني أجد نفسي في التعبير عن الأفكار والمشاعر بالكلمات. ربما تكون الموهبة جزءًا فطريًا، لكنني أؤمن أن صقلها وتطويرها جاء نتيجة شغفي بالقراءة والاستماع لتجارب الآخرين. نقطة انطلاقي كانت عندما قررت أن أشارك كتاباتي مع الآخرين، سواء عبر منصات الكتابة أو بين أصدقائي، واكتشفت حينها أن كلماتي قادرة على التأثير وإلهام الآخرين.

 

-بالنسبة لكِ؛ ما هي صفات الكاتب الناجح، وهل تفضلين صاحب الكلمات العميقة أم البسيطة التى تجذب القارئ أكثر؟

من وجهة نظري، الكاتب الناجح هو من يستطيع أن يخلق توازناً بين العمق والبساطة، فيجعل أفكاره تصل بسهولة إلى القارئ دون أن يفقدها معناها أو تأثيرها. صفاته تشمل المصداقية، الإبداع، والتواصل مع قارئه على مستوى شخصي. أما عن تفضيلي، فأرى أن الكلمات العميقة هي التي تترك أثراً دائماً، لكن تقديمها بأسلوب بسيط وجذاب يجعلها أقرب للقلب والعقل معاً.

 

-لأي فن من الفنون: الرواية، الخواطر، القصة، المقال تجد الكاتبة نفسها؟

أجد نفسي في الرواية والخواطر أكثر من غيرهما.. الرواية تمنحني مساحة واسعة لاستكشاف الشخصيات والأحداث والتعبير عن أفكار عميقة في إطار قصصي مشوق، بينما الخواطر تسمح لي بالتعبير عن مشاعري وأفكاري بشكل مباشر وعفوي. كلا الفنين يعكسان جانباً من شخصيتي، فالرواية تروي حكايتي مع العالم، والخواطر تكشف حكاية العالم بداخلي.

 

-بمن تأثرت كاتبتنا الجميلة، ولمن تقرأ الآن؟

تأثرت بالعديد من الكتّاب الذين تركوا بصمة في عالمي الأدبي.. ربما أبرزهم من أبدعوا في المزج بين البساطة والعمق مثل نجيب محفوظ، الذي ألهمني بأسلوبه الواقعي الساحر، والكاتبة حنان لاشين وعمرو عبد الحميد.. أما الآن فأنا أقرأ لأسماء متنوعة، أتنقل بين الكلاسيكيات والكتّاب المعاصرين، بحثاً عن الإلهام والأفكار الجديدة التي تغني قلمي.

 

_وبما إنكِ تعاملت مع النشر الإلكتروني والورقي، أيهما تريه أفضل أعطينا رأيكِ؟ وأيهما تنصحين بهم الكُتاب المبتدئين؟

لم أقم بنشر كتابي من قبل في دار نشر، ولكنني نشرته على منصات مثل مكتبة نور وكتوباتي وواتباد. وقريبًا إن شاء الله سأقوم بنشره عبر دار نشر.

 

_الوصول للنجاح يحتاج إلى اجتهاد وعزيمة قوية، وكل كاتب تُقابله عثرات في طريق النجاح، كيف صنعتِ من تلك العقبات إيجابيات لك؟

الوصول إلى النجاح حقًا يتطلب اجتهادًا وعزيمة قوية، وقد واجهت العديد من العثرات في طريق الكتابة. لكنني دائمًا ما أعتبر هذه العقبات فرصًا للتعلم والنمو. كل تحدٍ كان يدفعني لتطوير مهاراتي والبحث عن طرق جديدة للتعبير عن أفكاري. من خلال كل صعوبة، تعلمت كيف أتحلى بالصبر وأعيد تقييم نفسي وأعمالي، مما ساعدني على تحسين كتاباتي وجعلها أكثر قوة وتأثيرًا.

 

-إلاما تطمح الكاتبة بالمسقبل؟

أطمح في المستقبل لأن أواصل تطوير نفسي ككاتبة، وأن أحقق حضورًا أدبيًا مميزًا في الساحة الثقافية. أتمنى أن تكون أعمالي مصدر إلهام للآخرين، وأن أتمكن من الوصول إلى قلوب القراء وعقولهم. كما أهدف إلى نشر المزيد من الكتب وتحقيق حلمي في أن أصبح واحدة من الكتاب الذين يُحتذى بهم في مجالي.

 

_وراء كُل شخصٍ ناجح، شخصٌ ما يثق به ويدعمه في كل خطوة، مَن كان مُلهمكِ في نجاحك؟

لا أرغب في ذكر أسماء أصدقائي المقربين، ولكن أكثر الأشخاص الذين ألهموني ووقفوا بجانبي في الظروف الصعبة هي صديقتي المقربة ‘نور’ واخواتي العزيزات (اميرة ونورا).. وبالطبع، لا يمكنني نسيان ‘أمي وابي”، كانوا دائمًا مصدر دعم قوي لي، وكانوا يشجعونني في كل خطوة أخطوها نحو تحقيق أحلامي.. هؤلاء الأشخاص كان لهم الفضل الكبير في مساعدتي على تخطي التحديات، وكانوا سببًا رئيسيًا في استمراري في الكتابة والسعي نحو النجاح.

 

-شيء من إبداعاتكِ الكتابية.

في لحظاتٍ من الصمت، حيث يختلط الهدوء بوميض الأفكار، أدرك أن الحياة ليست سوى سلسلة من التحديات التي تُصقل أرواحنا. نحن كالذهب الذي يُنقى بالنار، لا تكتمل قوتنا إلا عبر الألم، ولا يتجلى جمالنا إلا بعد العبور عبر مسالك الوعر. وفي النهاية، ليس المهم ما مررنا به، بل كيف صمدنا في وجه العواصف، وكيف نبتسم في وجه الأقدار رغم قسوتها.

 

-وقبل الختام النقد من أسس المجتمع، ما هي وجهة نظرك عن النقاد، وهل تعرضت لمثل هذه الآراء الناقدة يومًا، وكيف واجهتها؟

النقد، بلا شك، هو من أسس المجتمع الأدبي والفني، لأنه يشكل مرآة للكاتب ليرى نفسه من منظور آخر ويكتشف نقاط القوة والضعف في عمله. بالنسبة لي، النقد يجب أن يكون بناءً، لا هدمًا، وأن يهدف إلى تحفيز الكاتب على التطور وتحسين أعماله.

أما عن تعرضي للآراء الناقدة، نعم، مررت بتجارب مختلفة مع النقد. في البداية، كان من الصعب قبول بعض الآراء التي اعتبرتها قاسية، لكن مع الوقت تعلمت كيف أرى النقد كفرصة للنمو. واجهته بتفهم، وركزت على الجانب الإيجابي منه، وأخذت منه ما يساعدني على تحسين كتاباتي، مع الحفاظ على إيماني برؤيتي الخاصة. فالنقد هو طاقة تدفعني نحو الأفضل، إذا ما استخدمته بالشكل الصحيح.

-بالنهاية؛ بما تودين أن تنهي حواركِ معنا.

في النهاية، أود أن أشكركم على هذه الفرصة الرائعة للتعبير عن أفكاري ورؤيتي. الكتابة هي رحلة لا تنتهي، ومع كل كلمة نكتبها، نكتشف جزءًا جديدًا من أنفسنا ومن العالم الذي نعيشه. أتمنى أن تكون كلماتنا اليوم قد تركت أثرًا طيبًا، وأن تظل الإبداع والطموح رفيقين دائمين لنا جميعًا في رحلتنا الأدبية والحياتية.

 

 

ومنا نحن مجلة إيفرست الأدبية نتمنى التوفيق والنجاح الدائم للكاتبة إسراء أبو مضاوي فيما هو قادم لها إن شاء الله.

 

 

 

عن المؤلف