9 فبراير، 2025

حديث الغضب

Img 20250113 Wa0003(2)

 

 

كتبت: خولة الأسدي 

 

مزاجيةٌ بحدٍّ لعين!

سريعةُ الاشتعالِ بقدرٍ يمكن لنظرةٍ، أو كلمةٍ، تأجيجُ نيرانِ الغضبِ في كياني، والتي تخنقني أدخنتُها، فيتولّدُ فيّ شعورٌ بالكرهِ لكلِّ الوجود، بما في ذلك وجودي في هذا العالمِ الذي لا يشبهني، وبين هؤلاء الناسِ البغيضينَ سببِ كلِّ تعاساتي. ويكونُ نتاجُ ذلكَ سيطرةُ رغبةِ الفرارِ عليّ.. في البدءِ أتكوّرُ على نفسي بغيظٍ وألمٍ، وأنا أشعرُ بنعاسٍ ثقيلٍ كأنّهُ رغبةٌ روحيّةٌ في الغيابِ عن الحياة، ثمّ حينَ أفيقُ منه، يتلبّسني شيطانُ التقوقع، ويصرخُ في رأسي:

غادري! غادريهم جميعًا! ما رأيكِ لو حظرتِ الجميع؟ أو على الأقلّ حذفتِ كلَّ مواقعِ التواصلِ إلى حين؟ أؤكّدُ لكِ أنّكِ ستشعرينَ بالتحسّن. آه، أعلمُ أنّكِ تتساءلين: وماذا عن التزاماتي؟

ولكنْ أخبريني أنتِ، هل هي أهمُّ من سلامِكِ النفسي؟ هل سيتوقّفُ قلبُكِ عن العملِ دونها؟

حتمًا لا. وإذًا.. إلى الجحيمِ بكلِّ شيءٍ. صدّقيني، كلّما رميتِ بالكثيرِ من الأمورِ والأشخاصِ إلى جحيمِ الغضب، كلّما هدأ وجعُكِ وشعرتِ بتحسّنٍ أسرعَ وأفضل، شرطَ ألّا تفكّري بالعواقبِ، وألّا تخشيَ الندمَ، وتستطيعينَ التغلّبَ على ذلكَ بالتفكيرِ أنّ لا ضامنَ للحياة، ومن الممكنِ أنْ يرحمَكِ اللهُ بسكتةٍ قلبيةٍ مفاجئةٍ وأنتِ نائمةٌ مثلًا، فترتاحينَ من كلِّ هذا العناء.

 

ويهمسُ القرينُ الطيّب:

لا تصدّقي هذا الخبيث، أنتِ تعلمينَ أنّهُ يدسُّ السّمَّ في العسل، ويعدُكِ براحةٍ لربّما تكون، ولكنّكِ ستدفعينَ ثمنَها الكثيرَ من الندم. وإذا كانت حرائقُ حنقِكِ الآن بسببِ آخرين، تستطيعينَ استنزالَ لعناتِ السماءِ على رؤوسِهم، وربّما البكاءَ والدعاءَ عليهم إذا أردتِ، فإنّ الندمَ لن يكونَ لهُ من مسببٍ سواكِ، وستكونينَ الضحيّةَ والجانيَ في آنٍ. وحينَ تشعرينَ بالعجزِ عن الانتقامِ من نفسِكِ، سينعكسُ ذلكَ عليكِ بمشاعرَ أكثرَ سوءًا، ويتأزّمُ وضعُكِ بحدٍّ تفقدينَ معهُ القدرةَ على التعبيرِ عن شعورِكِ، فلمن يشكو المرءُ نفسَهُ؟ وكيفَ يعاقبُها؟

لذا كوني فتاةً صالحةً، وخذي هاتفَكِ، وحاولي كتابةَ شيءٍ ما، وسأوجّهُكِ للتعبيرِ الأقدرِ على التخفيفِ من حدّةِ مشاعركِ أيّتها الناريّة!

عن المؤلف