حوار: عفاف رجب
ضيفة اليوم تقول عن الكتابة: “الكتابة هي الحرية في أسمى صورها، والأدب هو انعكاس للإنسانية بجمالها وقبحها”، كما تأثرت بمقولة غسان كنفاني: “ليس المهم أن يموت أحدنا، المهم أن تظل الأجيال القادمة تعرف لماذا عشنا.”، فهيا نتعرف أكثر على الكاتبة.
إسراء المرشدي، كاتبة، ومترجمة، روح تسكن عالمين متقابلين، تجمع بين دقة العلم وجمال الكلمة. تعيش بين قاعات طب الأسنان، حيث تفك شيفرة الابتسامات، وأحلام الأدب، حيث تنسج الحروف على نول الإبداع. تترجم الأفكار بين اللغات كما تترجم الأحلام إلى واقع، فتكون جسراً بين العلم والفن، وبين الواقع والخيال.
وإليكم حوارنا مع الكاتبة إسراء المرشدي..
بداية الغيث قطرة؛ فمن أين بدأت غيث الكاتبة؟ حديثنا عن هذا الجانب، وهل تحددين مواعيد للكتابة أم هي موهبة فطرية؟
بدأ غيثي منذ كنت صغيرة، عندما كنت أهرب من ضوضاء العالم إلى دفاتر صغيرة أحملها معي، وأخط بها أحلامي وكلماتي الأولى. الكتابة بالنسبة لي موهبة فطرية، نبض قلبي الذي لا يحتاج إلى مواعيد محددة. أحاول أن أكتب يوميًا، حتى لو كان الوقت ضيقًا؛ فالكتابة ليست فقط عادة، بل حياة.
لمَ بدأتِ بالكتابة؟ ولمَ تكتبين اليوم؟ وهل ثمة جدوى تتحقق من فعل الكتابة؟
بدأت الكتابة لأن العالم لم يعجبني، فقررت صنع عالمي الخاص بين صفحاتي. أكتب اليوم لأنني أريد أن أخلق مساحة أستطيع أن أكون فيها نفسي. الكتابة ليست مجرد جدوى مادية أو شهرة؛ هي خلاص روح، ووسيلة لنقل الأفكار وتحفيز القلوب.
هل واجهتِ بعض الصعوبات في بداية مشوارك الأدبي؟ وإلى أي مدى سببت كتاباتك مشاكل لك إن وجدت؟
بالطبع، البدايات دائمًا صعبة. واجهت شكوكًا من البعض، وانتقادات ممن لا يفهمون قيمة الكلمات. لكن هذه الصعوبات لم توقفني؛ بل زادتني إصرارًا. قد تكون بعض الأفكار في كتاباتي جريئة أو غير معتادة، مما أثار تساؤلات أو تحفظات، لكنني أعتبر ذلك جزءًا من رحلة الكاتب.
بالنسبة لك؛ ما هي المعايير الواجب توافرها لدى الكاتب؟ وهل تفضلين صاحب الكلمات العميقة أم البسيطة التي تجذب القارئ أكثر؟
الكاتب الحقيقي يجب أن يمتلك شغفًا، وخيالًا، وصبرًا، وقدرة على التعبير بصدق. أفضل الكلمات البسيطة؛ فالبساطة هي المفتاح لقلوب القراء. أؤمن أن القوة تكمن في إيصال المعنى العميق بأبسط شكل ممكن.
بمن تأثرت كاتبتنا الجميلة؟ ولمن تقرأين الآن؟
تأثرت كثيرًا بغسان كنفاني؛ كلماته مليئة بالشغف والجرح والقضية. الآن أقرأ مجموعة مختارة من الأدب العربي والعالمي، فأنا أؤمن أن القراءة هي زاد الكاتب.
إلى ماذا تطمحين بالمستقبل؟
أطمح أن أفوز بجائزة كتارا للرواية العربية، وأن تصبح كلماتي صدى يتردد في قلوب الأجيال القادمة.
ما هي أهم الإصدارات الأدبية التي حققتها الكاتبة حتى الآن؟
أصدرت رواية “ديابولوس” وديوان شعر بعنوان “يا أقصى”، وأعتبرهما محاولاتي الأولى، لكنني أطمح للمزيد.
هل تعتقدين أن الكتابة تندرج تحت مسمى الموهبة أم الهواية أم خلاف ذلك؟
الكتابة مزيج من الموهبة والهواية، لكنها تحتاج أيضًا إلى شغف وتدريب. إنها فن يتطلب الالتزام والتطوير المستمر.
إذا وجد الشيء وجد نظيره، فهل لاقت كتاباتك نقدًا؟ وكيف كان تأثير هذا النقد عليكِ إذا كان هدامًا؟ وما هي نصيحتك للنقاد؟
بالتأكيد، النقد جزء لا يتجزأ من مسيرة الكاتب. بعضه كان بناءً، والبعض الآخر هدامًا. تعلمت أن أستفيد من النقد الإيجابي وأتجاهل النقد الذي يفتقر إلى الموضوعية. نصيحتي للنقاد هي أن يكونوا منصفين، وأن يراعوا أن كل كلمة يكتبونها قد تؤثر على حلم شخص.
هلّا كتبت لنا مقتطفاتٍ من كتاباتك؟
ماذا لو أن في الباب المغلق
احتمالاً لمعنى آخر،
ويقيناً مختلفاً
عما تظن أنك تعرف؟
ماذا لو أن فهمك للحقيقة
ليس سوى وهم،
وأن خلف الباب الأخير
تكمن كل الاحتمالات؟
ماذا لو أن الشك
هو آخر ملاذ للحكمة،
وأن الباب المغلق
هو آخر حصون اليقين؟
ماذا لو أن بعض الأسئلة
تحتاج أن تظل بلا إجابة،
وبعض الأبواب
تحتاج أن تظل موصدة؟
أخاف أن أضرب المرآة رغم كل غضبي
وأن أحطم هاتفي رغم ثورتي
لأنني أعرف معنى الألم
ولا أملك ثمن الخسارة
أخاف أن أودع أمي في رحيلها
وأن أحضن أبي وأقول “أحبك”
وأن أمسح دموع إخوتي
فالكلمات تموت في فمي
والمشاعر تحرقني من الداخل
أخاف أن أرفض فنجان قهوة لا أحبه
أو أطلب باقي نقودي من سائق
أو أرد الأذى لمن آذاني
ليس ضعفاً
لكنني لا أجيد لغة الجرح
أخاف البكاء
والضحك في الصور
ورفض ما يؤذيني
لئلا يقولوا: “مدلل”
أخاف المواجهة
فأغير طريقي
وأترك عملي دون كلمة
وأصمت أمام عتاب الأصدقاء
وأصرخ في وجه صديقتي
بدل أن أهمس:
“أنا متعب وحزين وأفتقدك”
أخاف كل شيء
حتى خوفي يخيفني
وأنا أغرق في بئر مشاعري
أخاف الموت
وأخاف الحياة.
ما النقاط الأساسية التي يجب أن يضعها الشاعر نصب عينيه عند بدء الكتابة؟ وهل يمكن لأي شخص أن يصبح كاتبًا؟
الشاعر يجب أن يكون صادقًا في مشاعره، وأن يترك كلماته تعبر عنه بصدق دون تصنع. لا يمكن للجميع أن يصبحوا كتابًا، فالكتابة تحتاج إلى موهبة وشغف. لكنها أيضًا مهارة يمكن تطويرها بالتعلم والممارسة.
كثرت الكتابة باللغة العامية خاصةً في الرواية، فهل أنتِ مع أم ضد الكتابة بالعامية؟ وهل يجوز السرد بها أم أنها تفسد الذوق العام؟
العامية قد تكون أداة فعّالة للتواصل مع الجمهور، لكنها لا تناسب جميع أنواع الكتابة. أنا مع استخدام اللغة التي تخدم النص، لكني أؤمن أن الفصحى هي أساس الأدب الحقيقي.
وبالنهاية، بما تود الكاتبة أن تنهي حوارها معنا؟
أود أن أقول إن الكتابة ليست رفاهية، بل حاجة إنسانية. هي صوت من لا صوت لهم، وحلم لا ينتهي. شكري لكل قارئ منح كلماتي فرصة للوصول إلى قلبه.
ومنا نحن مجلة إيفرست الأدبية نتمنى التوفيق والنجاح الدائم للكاتبة فيما هو قادم لها إن شاء الله.
المزيد من الأخبار
شروق علي.. من القليوبية إلى أبرز منصات الإعلام.. قصة نجاح بنت العشرين
لقاء مع الكاتبة الروائية بسنت محمد عمر: رحلة شغف وحلم يتحقق
الكاتبة تغريد أحمد بحوار داخل مجلة إيفرست الأدبية