كتبت: سارة أسامة النجار
في لُب ذكرياتي الهائجة، كنت أغرقُ في أحداثِ السنة المنصرمة. يومها، حاصرتنا دباباتُ العدو، وأطلقوا قذائفهم صوبنا، قبل أن يجلِبوا ذلك الأحد القاتم. اقتحمت كتيبة جند بيتنا، فاعتقلوا الشباب، واحتجزونا نحن النساء والأطفال ساعاتٍ كالسنوات، لم نرَ خلالها سوى بنادقهم المُتربصة، ولم نبتلع سوى خوفنا، وسط أصوات الانفجاراتِ ورائحة البارودِ الخانقة.
لا أعلمُ كيفَ نجوتُ ذلك اليوم؟ صادروا عيني حين أخذوا هاتفي، ونفوني عن وطني عندما طردوني من بيتي، وألبسوني البردَ حين أخرجوني حافيةَ القدمين؛ نسفوا مني النعاسَ، فبتُّ بالعراءِ يقظة العينين كان العاشر من كانون الأول لعام 2023م بداية الحرب لي ولعائلتي.
كل يومٍ أحاول تطهير عقلي من كوابيس ذلك اليوم؛ لكن دون جدوى، وبعدَ عامٍ بالتمام والكمال، لمحتُ قشة نجاة. وصلتني رسالة نصية من صديقتي “ملاك”، تتوسلُ للإنترنت أن يزورني، وعندما خاب أملها، كتبت لي: “لقد حصلتِ على المركز الأول مُكرر في مسابقة الارتجال عبر مجلة إيفرست…”
ارتسمت على مُحياي ابتسامة مغلفة بعلاماتِ الاستفهام. عن أي مسابقةٍ تتحدث؟ وما الذي كتبته لأفوز؟
كانت رسالتها طوق نجاة، وحمامة أمل، وإشارة لي أن الفرحَ ما زال على قيد الحياة، شكرًا لملاكي الوسيط بيني وبين “إيفرست”، وشكرًا للجنة التحكيم التي أسعدتني دون أن تعلم.
وسأختمُ الآن كما ختمتُ نصي الفائز:
“فكن دائمًا كالشمس في عطائك، ساميًا بهيبتك، تلك التي تنحني لها الأعين عندما تطل.”
المزيد من الأخبار
ماذا علمك زلزال 2025؟
لا تعجز
مزيج