كتبت ملاك عاطف
في العدمِ تنامُ أحاسيسٌ اشتهيناها وعاركتنا الدّنيا حدَّ انتزاعها منّا قبلَ أن تحيا في بيتِ مشاعرِنا.
في العدَمِ تتراكمُ كلماتٌ بتكدُّسٍ عشوائيٍّ، وتبدو على حروفِها ملامِحُ الإهمالِ والخَيْبةِ؛ لأنّا تراجعنا عن التّفوّهِ بها في اللّحظةِ الأخيرة، في اللّحظةِ الّتي رأت حلمها بمُعانقةِ نورِ الحَديثِ يتحقّق.
في العَدمِ تنهارُ مخطّطاتٌ كثيرةٌ، يسقمها فرطُ التّخلّي الّذي ينتابُها حينَ نصيغها على ورقٍ، ثمَّ نمزّقُها بلا رحمةٍ، ونلقيهِ في سلّةِ عدمِ التّنفيذ.
في العدمِ تتشابكُ أيادي سناريوهاتٍ خلناها كثيرًا بمشاهدَ لا تحصيها الأرقام، وتغيبُ عن واقِعنا في عناقِ تسليمٍ طويلٍ للأقدار.
في العدمِ تفرشُ الغيبةُ نفسها، وتحترِقُ تحتَها محاولاتُ وسوساتِ الشّيطانِ الفاشلة.
في العَدَمِ تجثو لقاءاتٌ كثيرةٌ على ركبها، تترجّى الحدودَ أن تفتحَ؛ كي تذوبَ المسافاتُ، وتولَدُ هي منعشةً ذبولَ أرواحٍ هدّها الفِراق.
في العدَمِ تغورُ أحلام وردية جميلةٌ، وكوابيس أخرى مرعبةٌ رأيناها في منامِنا وطردها مُديرُ الذّاكِرةِ قبلَ أن نستيقظ.
في العدمِ تخيّمُ اضطراباتُنا الّليليّةُ الّتي منعنا بلوغُنا ونضوجنا أن نبوحَ بسرِّها لأحد.
في العدمِ تختبئُ وخزاتٌ تصيبُ قلوبَنا، وتفِرُّ مهدّدةً إيّانا متوعّدةً لنا بالويلِ إن همسنا ببنت شفةٍ عنها.
في العدمِ تتأرجحُ تفاصيلُنا الصّغيرةُ حدَّ الدُّوارِ؛ لأنَّ غيابَ مستمعيها قد حكمَ عليها بالمَوتِ شنقًا على حبالِ هواءِ الكتمان.
في العدمِ تقفُ مهمّاتٌ كثيرةٌ أجّلناها، أو نسيناها، وتنتظِرُ بفارغِ الاحتِمالِ تخليصها من قيودِ الغَدِ الإدارِيِّ الّتي كبّلناها بها دونَ قصد.
وفي العدمِ يتمدّدُ شغفي مغمضَ العينيْنِ هامِدًا في إغماءةٍ؛ جرّاءَ وعكةِ حزنٍ ثقيلة.
وفي الوجودِ أنا، وحِسّي، وقلمي، ودافِعي، وإصراري نخوضُ حربًا؛ من أجلِ أن يستفيق.
المزيد من الأخبار
صراع
ماشي
بين طيات الزحام