15 أكتوبر، 2024

النبي المصطفى

Img 20240906 Wa0391

كتبت: زينب إبراهيم 

 

أَبُو الْقَاسِمِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّٰهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ (ربيع الأول 53 ق هـ – ربيع الأول 11 هـ) (أبريل 571 م – يونيو 632 م).

 

هو رسول الله إلى الإنس والجن في الإسلام؛ أُرسِل ليُعيد العالمين إلى توحيد الله وعبادته شأنه شأن كل الأنبياء والمرسلين، وهو خاتمهم، وأُرسِل للناس كافة، ويُؤمن المسلمون بأنه أشرف المخلوقات وسيد البشر، ويعتقدون فيه العصمة.

 

عند ذكر اسمه، يُلحِق المسلمون عبارة «صلى الله عليه وسلم» مع إضافة «وآله» و«وصحبه» في بعض الأحيان، لِمَا جاء في القرآن والسنة النبوية مما يحثهم على الصلاة عليه.

 

ترك النبي محمد صلى الله عليه وسلم أثرًا كبيرًا في نفوس المسلمين، وكثرت مظاهر محبّتهم وتعظيمهم له باتباعهم لأمره وأسلوب حياته وتعبده لله، وقيامهم بحفظ أقواله وأفعاله وصفاته وجمع ذلك في كتب عُرفت بكتب السيرة والحديث النبوي، واحتفالهم بمولده في شهر ربيعِ الأول في كل عام.

 

وحَّد محمد الجزيرة العربية في نظام إسلامي واحد، حيث شكّل القرآن وتعاليمه وممارساته أساس نظامها.

 

وُلد في مكة في شهر ربيع الأول من عام الفيل، قبل ثلاث وخمسين سنة من الهجرة، ما يوافق سنة 570 أو 571 ميلادياً و53 ق هـ. وُلِد يتيم الأب، وفقد أمه في سن مبكرة فتربى في كنف جدّه عبد المطلب.

 

ثم من بعده عمه أبي طالب إذ ترعرع، وكان في تلك الفترة يعمل بالرعي ثم بالتجارة. تزوج في سن الخامسة والعشرين من خديجة بنت خويلد وأنجب منها كل أولاده باستثناء إبراهيم.

 

كان قبل الإسلام يرفض عبادة الأوثان والممارسات الوثنية التي كانت منتشرة في مكة، وكان ينعزل ويتعبد في غار حراء عدة ليالٍ. وعندما كان محمد في الأربعين من عمره، قرابة 610م، ذكر أنّ جبريل زاره في الغار.

 

وتلقى أول وحي من الله سبحانه وتعالى وفي عام 613م، نزل عليه جبريل وكُلّف بالرسالة وهو ابن أربعين سنة، أمر بالدعوة سرًّا لثلاث سنوات، قضى بعدهن عشر سنوات أُخَر في مكّة مجاهرًا بدعوة أهلها.

 

وكل من يرد إليها من التّجار والحجيج وغيرهم، مُعلنًا أن «الله واحد»، وأن «الخضوع» الكامل (الإسلام) لله وحده هو الطريق الصحيح، وأنه نبي مرسل من الله على غرار الأنبياء الآخرين في الإسلام.

 

هاجر إلى المدينة المنورة والمسماة يثرب آنذاك عام 622م وهو في الثالثة والخمسين من عمره بعد أن تآمر عليه سادات قريش ممن عارضوا دعوته وسعوا إلى قتله.

 

فعاش فيها عشر سنين أُخر داعيًا إلى الإسلام، وأسس بها نواة الحضارة الإسلامية، التي توسعت لاحقًا وشملت مكة وكل المدن والقبائل العربية، إذ وحَّد العرب لأول مرة على ديانة توحيدية ودولة موحدة، ودعا لنبذ العنصرية والعصبية القبلية.

 

كانت شبه الجزيرة العربية مفككة، لا توحدها دولة ولا تديرها حكومة، وكانت الدول القديمة التي قامت في اليمن ونجد وأطراف العراق والشام قد اندثرت، وطغت البداوة على المدن في تهامة والحجاز.

 

فكانت القبيلة هي الوحدة السياسية والاجتماعية، فكانت مكة تُدار من قبل الملأ في دار الندوة.

 

والمدينة المنورة في حالة نزاع دائم بين الأوس والخزرج. أما دولة المناذرة في الحيرة ودولة الغساسنة في الشام فقد سمح الفرس والروم للدولتين بالنشوء لتكونا حاجزتين تصدان عنهما غزو القبائل العربية.

 

وتتوليان حماية القوافل التجارية، وقد أسقط الفرس دولة المناذرة سنة 602م قبل البعثة المحمدية بثمان سنوات.

 

وكان بدو العرب يعتمدون على الرعي والتنقل لأماكن الماء، مما يجعلها في حروب مع بعضها للحصول على الموارد؛ أما في المدن، فكان فيها نشاط تجاري وزراعي وصناعي.

 

فمكة كان يغلب عليها النشاط التجاري، وتتحكم بطرق التجارة بين اليمن والشام، وقد استفادت مكة من مكانة الكعبة الدينية عند العرب في حماية قوافلها التجارية.

 

أما المدينة فكان يغلب عليها الزراعة حيث بساتين النخيل والأعناب والفواكه. واستعمل العرب الدينار البيزنطي والدرهم الفارسي في التبادل التجاري.

 

أما الصناعة فقد عُرفت المدينة بصياغة الحلي الذهبية والفضية، وصناعة السيوف والرماح والنبال والدروع، كما قامت في المدن العربية حرف الحدادة والصياغة والدباغة، والغزل والنسيج وكان العرب يعرفون أنواعًا من المعاملات المالية كالقراض والمضاربة والرهن.

 

سادت الوثنية في جزيرة العرب، إذ كانوا يعبدون آلهة يمثلونها في أصنام مصنوعة من الحجر والخشب بلغ عددها 360 صنمًا حول الكعبة تعبدها القبائل التي تؤم البيت للحج وتقدم لها القرابين والنذر.

 

كان من أقدمها وأكبرها «هُبَل» (لكنانة وقريش)، و«مَناة» (لهُذَيل وخزاعة)، و«الّلات» (لثقيف)، و«العُزَّى» (لقريش وكنانة). ومع ذلك بقي لديهم شعائر من بقايا دين إبراهيم مثل تعظيم الكعبة، والطواف بها، والحج، والعمرة.

 

وكان هناك أفراد من الموحدين على ملة إبراهيم وإسماعيل كانوا موجودين في مكة عرفوا بالأحناف. وجدت أيضًا ديانات بشكل محدود مثل اليهودية في اليمن والمدينة، والنصرانية في نجران والحيرة ودومة الجندل وأطراف الشام كذلك وُجد انتشار محدود للمجوسية قادمًا من بلاد الفرس.

 

أبوه: هو عبد الله بن عبد المطلب، أمّه «فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب». كان عبد الله أحسن أولاد عبد المطلب وأعفّهم وأحبّهم إليه، وأصغرهم من بين أولاده، وهو الذبيح، الذي فداه أبوه بمئة من الإبل.

 

أمّه: هي آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب، أمّها «برّة بنت عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار بن قصي بن كلاب». كانت آمنة تُعد يومئذٍ أفضل امرأة في قريش نسبًا وموضعًا، وكان أبوها سيّد بني زهرة نسبًا وشرفًا.

 

أعمامه وعماته: هم العباس، وحمزة، والزبير، والمقوَّم، والحارث، والغيداق، وقُثم، وعبد الكعبة، وجَحْل (واسمه المغيرة)، وأبو لهب (واسمه عبد العزَّى)، وأبو طالب (واسمه عبد مناف)، وضرار. وأما عماته، فهنّ عاتكة، وأميمة، وأروى، وأم حكيم (وهي البيضاء)، وبرّة، وصفيّة. وأسلم منهم حمزة والعباس وصفية، واختُلف في عاتكة وأروى.

 

أخواله وخالاته: لم يكن لمحمد أخوال وخالات إلا «عبد يغوث بن وهب»، وكان محمد يقول عن سعد بن أبي وقاص: «هذا خالي فليرني امرؤ خاله»، لأن سعدًا كان من بني زهرة وكانت أم النبي أيضًا منهم.

 

حياته قبل البعثة

ولادته:-

طالع أيضًا: المولد النبوي

لما بلغ عبد الله بن عبد المطلب ثماني عشرة أو خمسًا وعشرين سنة، زوّجه أبوه آمنة بنت وهب من عمها «وهيب بن عبد مناف» وقد كانت تعيش عنده.

 

فبنى بها عبد الله في مكة فحملت بمحمد، وكانت آمنة تحدّث أنّها حين حملت به أُتِيَت فقيل لها: «إنك قد حملت بسيد هذه الأمة، فإذا وقع على الأرض فقولي: “أعيذه بالواحد من شر كل حاسد”، ثم سمّيه “محمدًا”».

 

ثم لم يلبث أبوه عبد الله حتى خرج إلى الشام للتجارة، فمرّ بالمدينة فأقام عندهم مريضًا شهرًا ثم تُوفي عن عمر خمسة وعشرين عامًا، ودُفن في «دار النابغة» (وهو رجل من بني عدي بن النجار)، وكانت آمنة يومئذ حاملًا بمحمد لشهرين (رأي الجمهور).

 

تاركًا وراءه خمسة جمال، وقطعة غنم، وجارية حبشية اسمها «بركة» وكنيتها أم أيمن. وُلد في مكة في شعب أبي طالب، في الدار التي صارت تُعرف بدار «ابن يوسف». وتولّت ولادته «الشِّفاء» أم عبد الرحمن بن عوف.

 

وقد كان مولده يوم الاثنين، 8 ربيع الأول، أو 9 ربيع الأول أو 12 ربيع الأول (المشهور عند أهل السنة)، أو 17 ربيع الأول (المشهور عند الشيعة)، من عام الفيل، بعدما حاول أبرهة الأشرم غزو مكة وهدم الكعبة،

 

قيل: بعده بشهر، وقيل: بأربعين يومًا، وقيل: بخمسين يومًا (وهو المشهور)، ويوافق ذلك 20 أبريل أو 22 أبريل سنة 571م على الأصح.

 

ويُروى أن محمدًا صلى اللّٰه عليه وسلم قد وُلد مختونًا مسرورًا (مقطوع السرّة)، بينما تذكر روايات أخرى أن عبد المطلب ختنه يوم سابعه وجعل له مأدبة. وكانت أمّه تحدّث أنها لم تجد حين حملت به ما تجده الحوامل من ثقل ولا وحم.

 

ولما وضعته وقع إلى الأرض مستقبل القبلة رافعًا رأسه إلى السماء، مقبوضة أصابع يديه مشيرًا بالسبابة كالمسبّح بها.

 

مِن قَبلها طِبتَ في الظِّلال وفي

مستودِع حيث يُخصَف الوَرَق

ثُم هبطتَ البلاَد لا بشرٌ

أنت ولا مضغةٌ ولا علق

بل نُطفةٌ تركب السَّفينَ وقد

ألجَم نسرًا وأهله الغرق

تُنقَل من صالب إلى رَحم

إذا مضى عالم بدا طَبَق

ثم احتوى بيتك المهيمن من

خندف علياء تحتها النطق

وأنتَ لمَّا وُلدتَ أشرقت الـ

ـأرضُ وضاءت بنورك الأفُق

فنحن في ذلك الضِّياء وفي

النُّور وسبل الرشاد نخترق

—العباس بن عبد المطلب

 

وأنها رأت حين ولدته كأنه خرج منها نور أضاءت له قصور الشام. قالت أم عثمان بن أبي العاص: «حضرتُ ولادة رسول الله ﷺ، فرأيت البيتَ حين وضع قد امتلأ نورًا، ورأيت النجوم تدنو حتى ظننتُ أنها ستقعَ عليّ».

 

وبعدما ولدته أرسلت إلى عبد المطلب تبشّره بحفيده، ففرح به فرحًا شديدًا، ودخل به الكعبة شاكرًا الله، وقال: «ليكوننّ لابني هذا شأن»، واختار له اسم «محمّد» ولم تكن العرب تسمي به آنذاك، إلا ثلاثة طمع آباؤهم حين سمعوا بذكر محمد وبقرب زمانه وأنه يُبعث في تهامة فيكون ولدًا لهم.

 

وقد علمت اليهود آنذاك بولادة محمد، يقول حسان بن ثابت: «والله إني لغلام يفعة، ابن سبع سنين أو ثمان، أعقل كل ما سمعت، إذ سمعت يهوديًا يصرخ بأعلى صوته على أطمة بيثرب: يا معشر يهود، حتى إذا اجتمعوا إليه، قالوا له: ويلك ما لك؟ قال: طلع الليلة نجم أحمد الذي ولد به».

عن المؤلف