5 أكتوبر، 2024

جزيرة كمت، أطماع الحكام ومصير الأمل

Img 20240904 Wa0076

 

كتبت: هاجر حسن 

 

 

يحكى أنه كان هناك جزيرة تُدعى”كمت”، تحيط بها بحيران شاسعان، ويتوسطها نهر طويل ينساب كخيط فضي براق، يضفي عليها رونقًا بمياهه العذبة المتلألئة. فأصبح مصدر حياة نابضة للجزيرة، مما جعلها مطمعًا لكل الجزر الأخرى.

 

كانت أرضها خصبة، تنبض بالزرع الناضج الأخضر، وكأنما باركتها الطبيعة منذ الأزل. عاش سكانها في رغد ومحبة، ولم يكن ينقصهم شيئ من نعيم الأرض. ولكن الرياح تأتي بما لا تشتهي السفن؛ فقد قُتل الملك العادل، الذي كان يبث الخير والعدل في ربوع الجزيرة، ويصنع مع سكانها حضارات عريقة، ويحميها من أطماع القراصنة والملوك الأشرار. 

 

توالى على حكم الجزيرة عدد من الحكام، كلهم كالنمور المفترسة، لا يهمهم سوى نهب خيراتها، تاركين أهلها في خوف وحرمان، فاقدين القدرة والشجاعة على مواجهة ظلمهم. 

تدهورت حال الجزيرة، بهتت خضرتها، وعكرت مياهها. كان الحزن يسكن في أعماق سكانها، يتغلغل في أرواحهم بضباب من اليأس، منتظرين أي طيف من الأمل يعيد إليهم مجدهم الضائع. 

 

ثم في يوم من الأيام، ظهر رجل مجهول بين سكانها، نصب نفسه حاكمًا، وطرد الملك السابق. دهش أهل الجزيرة من جرأته، وظنوا أنه الشخص الذي سيعيد لهم الخير والأمل. لكن السنين كشفت عن أطماعه المخفية؛ كان كقرصان أعمى، ينهب خيرات الجزيرة ويخفيها عن سكانها، يمنع عنهم المياه العذبة، ويخصص الثمار النادرة والمعادن النفيسة لنفسه ولحاشيته. تاركًا السكان في فقر مدقع وضنك.  

 

تدهورت حال الجزيرة يومًا بعد يوم، وترقب سكان الجزيرة ما يحدث بصمت، ورضوا بما يُقدم لهم من فتات الخيرات، مقتنعون بعدم قدرتهم على مواجهته والتغير. 

 

مرت الأيام والشهور، ثم جاء صباح كئيب، استيقظت فيه الجزيرة لتجد وجوهًا غريبة تتجول فيها. تجمع السكان في الساحة، وسأل أحدهم بقلق: “من أنتم؟” أجاب أحد الغرباء ببرود: “نحن سكان الجزيرة الجدد؛ فقد باع لنا الملك جزيرتكم وقبض الثمن.” انتشرت الصدمة بين أهل الجزيرة، الذهول يرتيم على وجوهم كضربة قوية أفقدتهم اتزانهم. وبدأ الغرباء بالاستيلاء على خيرات الجزيرة، والتحكم فيها. 

 

فهل سيظل سكان الجزيرة خاضعين ومستسلمين لما أوقعهم فيه هذا الملك؟ أم سيستفيقون من سباتهم، متحدين كجسد واحد، ليعيدوا الحياة لأرضهم المفقودة؟ في زوايا نهر الجزيرة، تنمو بذور مقاومة صغيرة، تتغذى على الألم، وتحلم بالحرية، ويبقي الأمل……

عن المؤلف