كتبت: آية الهضيبي
وما الحياةُ إلا مُجاهدة ولاسيما في هذه الأيام المُباركة من هذا الشهر الفضيل، ونحنُ نعلمُ ذلك كُل العِلم ولكن دينٌ بلا عمل، كَعِلمٍ لا ينفع وقواعد لا يتم الالتزام بها مُطلقًا، ومع ذلك شهد الله وعلم أننا بحاجة إلى كبسولات مُقوية، أو أسباب مُحفزة، وطاقة مُتجددة تدفعنا للاستمرار والمُقاومة.
وكذلك المُجاهدة أنواع مثل: مُجاهدة النفس وهي أشد أنواع المُجاهدة “إنَّ النَفْسَ لَأمارةٌ بِالسوء” واستخدم كلمة “أمارة” للدليل على كثرة الأوامر والفخاخ التي تقع بها النفس، وإذا علم الإنسان حقيقة هذه الدُنيا وزهد فيها لَأفلح ونجا.
كما ذكرت فيما سبق أنَّ الصيام ليس امتناع عن الطعام والشراب فقط؛ بل الامتناع عن الشهوات وكبح زمام الجوارح، فَإنك تُؤجَر أضعاف الحسنات على الأعمال الخيرة في الأيام العادية في رمضان.
وكان لا بُد من عصا نتكيء عليها؛ لأن الله يعلم يقينًا أنَّ بعض الأنفُس ضعيفة، تُغريها بعض مكاسب الدنيا وزينتها، فبشَّر الصابرين وأعدَّ لهم خير الجزاء، وحتى أنه لم يُحدد بالضبط ماذا سيحدث لهم من ثواب عظيم في الآخرة وهذا يدل على أنَّ هُناك مُكافأة عظيمة، وضرب لنا خير الأمثال من بني البشر الذين اصطفاهم الله من عباده وجعلهم رُسُلًا وأنبياء وهم خير مثال في الصبر والمُصابرة والمُجاهدة، وأفضل من نقتدي به هو رسولنا مُحمد صلى الله عليه وسلم، وهذا يكون باتباع سُنته وذلك أنَّ السُنة مُكملة للقُرآن في بعض المواضع ولا غنى عنهما، فقال تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ» (200)
وقد خصَّ الله بالذكر في الآية الكريمة السابقة فئة المؤمنين؛ وذلك لأن ليس جميعنا بِمؤمنين ولكن جميعنا مسلمون، وتِلك منزلة عظيمة لا يصل إليها إلا مَنْ كان إيمانه صادقًا نابعًا من قلبه ومُصدقه عقله، ويعمل به فعلًا وليس قولًا لِأركانه فقط، فقد أمر الله تعالى المؤمنين في الآية بالصبر على الدين وعلى أذى الكُفار والمُشركين، وأما المُرابطة فهي المداومة في مكان العبادة والثبات. وقيل : انتظار الصلاة بعد الصلاة، قاله ابن عباس وسهل بن حنيف، ومحمد بن كعب القرظي، وغيرهم، ويُمكن اختصار ذلك في جُملة “إنما الدينُ لِمَنْ صدق وثبت وداوم”.
عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” ألا أخبركم بما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات؟ إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط ، فذلكم الرباط ” .
وفي النهاية قال” اتقوا الله لعلكم تُفلحون” لأن الفلاح الحقيقي إدراكه ليس سهلًا، ولذا لن يصل الجميع إليه إلا الذين التزموا بذلك، وقوله : ( واتقوا الله ) أي : في جميع أموركم وأحوالكم ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ [ بن جبل ] [ رضي الله عنه ] حين بعثه إلى اليمن : ” اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن ” .
( لعلكم تفلحون ) أي: في الدنيا والآخرة.
والصَبرُ على الصَبْرِ نهايته فرجٌ وتعويض عما لاقينا، والكل يأخذ نصيبه من الحُزن والفرح أيضًا.
المزيد من الأخبار
بيضة واحدة كافية لصيام يوم بدون تعب
انطفاء
هواجس