كتبت: آية الهضيبي
يُعَّد معنى الأمومة مِنْ أسمىٰ المعاني في تاريخ البشرية فلا مُقارنة بينها وبين أي صفة أُخرى لِتعظيم قدْرها وأهمية دورها في الكون كافة، ومعنى الأمومة لا يختلف كثيرًا مهما اختلف الدين أو الجنس؛ في النهاية ستظل الأُم أُمًا مع بعض الاختلافات البسيطة بين الأساليب بعضها البعض.
ويحدُث الخطأ عندما نجد بعضًا مِنْ التعقيد ومِنْ ثمَّ يحدث خلل كما يختل التوازن البيئي عند إضافة كائن حي جديد أو انقراض آخر، والحق أنَّ الكثير مِمن فقدن لذة أنْ يُصبحن أُمهات بشكل حقيقي؛ لسببٍ ما أراد الله ذلك والجميع رُبما يعدُّه ابتلاء أو اختبار لِمدىٰ صبر تِلكَ المرأة على عدم حصولها على نعمة الأمومة، وبسبب التقدم العلمي والطبي الذي حدث فلم يعُد من الصعب أو المُستحيل على أي امرأة أنْ تسلُك بعض الطُرُق في سبيل ذلك.
يُقال أنَّهاالأمومةفِطرة لدى الكائنات الحية جميعًا وفي رأيي أنَّه بالرغم من ذلك فإنها رُبما تحتاج إلى ترويض في بعض الأحيان، فهل سمعت مثلًا عن أُم قتلت أبناءها؟
لم يعُد شيئًا عجيبًا في هذا العصر المليء بالرياء وحُب التملُق والفواحش على العلن، والتبجُح في الكثير مِنْ الأمور والسفه؛ بل والتخلُف الديني والأخلاقي أيضًا، فنرىٰ قمة القسوة في أنْ تتجرد بعض الأُمهات مِنْ فطرتها و وظيفتها ولا تُجِّل النعمة التي وهبها الله إياها وتترُك أبناءها وتهرُب أو تتخلى عن مسؤولياتها وهي معهم، ولا سيما في عصر الإهمال الذي أصبحنا فيه فلم يعُد إلا القليل يقوم بواجباته على الوجه الأكمل، الحق أنَّ هُناك بعض النماذج السيئة من النساء واللاتي في نظر البعض لا يستحقن أنْ يكونن أُمهات وعارٌ عليهم ذلك.
كيف تكونين أُم تتحكمي بمصير أبنائك وتتنعمي بالأنانية بدلًا مِنْ التضحية كما عُرفَ عن الأُم في عطائها؟!
ليسَ عَيبًا أنْ تكوني جاهلة فتقرأي وتتعلمي حتى لا تُقصرين في تأدية التربية السليمة؛ لأنك ببساطة أحد أعمدة المُجتمع والبشرية كافة، ولا عيب أيضًا أنْ تتراجعي قليلًا ومن ثمَّ تستفيقي وتعترفي بخطئك ولا تُكابري؛ فَأنتِ القُدوة الأقرب والمؤثر الأوحد في حين أنَّكِ الآن يُمكنك أنْ تقومي بِدوْر الأُم والأب معًا وأصبحتِ تتحملين ما ليس عليكِ تحمُله فتحوَّل ذلك مِنْ النافلة إلى الفرض عليكِ ويُصبح الوضع سيء خاصةً إذا لمْ تُقدَّري حق قدْركِ.
هُناك نماذج حقيرة وبعيدة كُل البُعد عن معنى الأمومة فتطعن، تخون، تتهاون، وتُهمل كثيرًا، ولا تقوم بواجباتها فلمْ تعُد سوى قطعة فاكهة فاسدة فتُفسد باقي المُجتمع وأول مَنْ تؤذي أبناءها بلا ذنب، ولكي لا تكونين مثل تِلكَ النماذج عليكِ بالآتي:
أهم شيء بالنسبة لهذا الأمر هو أن تحب الأم أطفالها وتتأكد من أنهم يشعرون بهذا الحب والحنان. بالنسبة لهذه المسألة فإن الآراء الوحيدة المهمة هنا هي رأيك ورأي أطفالك. إذا أردتِ أن تُصبحي أمًا جيدة، عليك معرفة ما تعتبرينه أكثر أهمية في التربية؛ هل هو الانضباط؟ أم الوقت الذي تقضيه معهم؟ أم منح أطفالك الفرص المختلفة؟ وبمجرد فهم ذلك، ضعي القواعد الأساسية وابدئي بالعمل لكي تصبحي نموذجًا يُحتذى به في حياة أطفالك. بجانب استثمارك في أطفالك، لا تنسي أنه عليك الاستثمار في نفسك أيضًا، تأكدي من قيامك بالرعاية الذاتية وبناء علاقاتك مع الأشخاص الداعمين الذين يمكنهم التواجد من أجلك حتى يمكنك التواجد من أجل أطفالك ورعايتهم.
اتبعي النصائح التي يقدمها الخبراء. تعرفي على مراحل تطور الطفل من خلال قراءة كتب تربية الأطفال المجربة والفعلية. حاولي بذل قُصارى جهدك لتنفيذ النصائح التي تستند على حقائق مثل مدح أطفالك لتعزيز السلوك الإيجابي لهم أو استخدام أسلوب التجاهل أو بعض أنماط التقويم الأخرى لمعالجة سوء السلوك بدلًا من اللجوء للضرب.
ترغبين إدارة منزلك بها وتواصلي مع أطفالك لفهم هذه النقاط بوضوح. حاولي عقد اجتماع عائلي للتحدث شفهيًا عن الإرشادات التي ينبغي اتباعها والتأكد من استيعاب العواقب التي قد تحدث نتيجة لعدم الالتزام بها، بعد ذلك يمكنك وضع ورقة تُلخص تلك النقاط الهامة في منطقة عامة للجميع لكي يروها؛ على الثلاجة مثلًا.
ضعي العقوبات المناسبة. كوني على استعداد دائمًا لفرض العقوبات وتنفيذها عند الحاجة في حالة انتهاك طفلك للقواعد المتفق عليها. الجأي إلى عقوبات عادلة وملائمة يمكنك تنفيذها في كل مرة.
من خلال العناق والقبلات وكلمات الإعجاب والمدح. تُذكر العاطفة أطفالك أنهم محبوبين حب مطلق ليس له قيد أو شرط. بالإضافة إلى ذلك، ترتبط العاطفة والحنان بزيادة احترام الأطفال لذاتهم وتحسين الأداء الأكاديمي لهم، وقلة المشاكل التي تتعلق بالسلوك وزيادة قوة العلاقة بينك وبين أطفالك.
في التحدث مع الأم. تُبنى العلاقة الجيدة مع أطفالك على أساس التواصل الصحي ويجب أن يعلم أطفالك أنك متاحة للتحدث معهم دائمًا. تأكدي من إجراء محادثة منتظمة مع أطفالك بغض النظر عن مدى أهمية الموضوع. لذلك دعهم يعلمون أن بابك مفتوح دائمًا لهم للتحدث ومناقشة الأمور.
في حاية الطفل لذلك عليكِ استخدام هذه المكانة لدعم طفلك وتعزيز شعوره بأهمية ذاته، ساعديهم في تطوير اهتماماتهم وآفاقهم حتى وإن كانت عكس ما تختاريه لهم.
أحبي كل أطفالك كما هم، حاولي قضاء نفس الوقت مع كل طفل من أطفالك وشاركي جميعهم المدح والثناء ونفس أساليب التربية، حاولي أيضًا تعزيز روابط أخوة قوية من خلال عدم مقارنة أي طفل بآخر.
تعاوني مع زوجك أو والد طفلك لتحقيق خطة التربية الجيدة. ستحتاجين أيضًا إلى التأكد أن زوجك أو والد طفلك مشارك معك في خطتك التربوية؛ لأن الاتساق والتناسق أحد أهم العوامل في كونك أمًا جيدة، قوما معًا بوضع القواعد والعقوبات وتطويرها، وتأكدا من اتباعكم لها.
ضمان إظهار صورة ثابتة لأولادك جزء مهم من كونك أمًا جيدة. يُقلد الأطفال الأفعال التي يقوم بها آبائهم، لذلك تجنبي وضع قواعد ومعايير لأطفالك لا تلتزمين بها أنتِ.
كوني قدوة في العلاقات الصحية، اظهري لأطفالك كيفية التعامل مع الأشخاص بطريقة ملائمة سواء كان ذلك مع زوجك أو والد طفلك أو أفراد الأسرة أو الأصدقاء أو الأشخاص العاديين في المجتمع، أخبرهم ماذا يعني أن يكون صديق جيد أو زوج رائع مثل تعليمهم الإنصات بتركيز والمناقشة بهدوء والمشاركة مع الآخرين.
اعترفي بالخطأ عندما ترتكبينه واعتذري لطفلك. كوني أمًا متفهمة ترغب في اكتشاف أوجه القصور لديها ومعالجتها، يُظهر الاعتراف بأخطائك أنه لا يوجد ما يخجل منه الأطفال بشأن أخطائهم طالما يعترفون بها ويحاولون تفاديها لاحقًا.
احصلي على وقت خاص بكِ دون الشعور بالذنب. تجنبي الشعور بالذنب بسبب الابتعاد عن أطفال بين الحين والآخر للحصول على بعض الوقت “الخاص بكِ”. يُرسل ذلك رسالة لأطفالك عن أهمية التحكم في الضغط والعناية بالنفس. بالإضافة إلى ذلك، يساعد قضاء بعض الوقت بمفردك على التخلص من الضغوطات المُلقاة على كاهلك ويساعدهم ذلك أيضًا في تعلم القيام بأشياء بأنفسهم.
لا تُثقلي كاهلك بتوقعات غير معقولة، كوني على دراية بأي ضغط يمارسه الآخرون عليكِ (أو تضعين أنتِ نفسك فيه) وتعلمي أنتضعي الأمور في نصابها وتتقبلين قدراتك، حاولي أن تكوني أمًا جيدة بدلًا من أن تكوني خارقة.
لا يحاولن القيام بكل شيء بأنفسهن. اطلبي من زوجك مساعدتك ومشاركتك في تحمل العبء قليلًا، إذا أصابك الإرهاق لا تتردي في طلب العون وتحمل المزيد من المهام حتى تحصلي على الراحة الكافية، يمكنك أيضًا منحه بعض المهام المحددة حتى لا تُنهكي نفسك.
من العجيب أنْ نُخبر الأُم كيف تكون أُمًا جيدة فَحتى معنى الأمومة مُتدرج ونسبة استشعاره ليست متساوية لدى الجميع، وأنا أعلم أيضًا أنَّكِ لستِ المسؤولة الوحيدة عن كل ما أنتِ عليه الآن، فلقد أنجبتكِ أُمًّا أيضًا وأنتِ رُبما تكونين نتاج ظروفٍ قاسية فلا أُحمِّلكِ وحدكِ القدْرَ الكامل من اللوم؛ لأن هذا في النهاية هو القدَر ولا أحد يعلم الحِكمة من كل شيء كما أنَّ لا أحد يختار أُمه فيقبل ويرضىٰ، وإن اختلفت وجهات النظر وإن تبعثرت المشاعر أو اضطربت أو حتى انعدمت يحدث الخلل عند اهتزاز ثقة الابن أو الابنة بِأمهما، فلا تضعي نفسكِ في هذا الوضع أرجوكِ فلم نعُد نقدر أنْ نعيش المزيد من القسوة في مُجتمعٍ خالٍ من الأُمومة نفتقدها ونتحسسها في أُمٍ غير أُمنا، كوني أُمًّا جيدة بِكُّل قوتك أو لا تكوني أُمًّا من تِلكَ النماذج الوضيعة وتُسيئي إلى معنى الأمومة.
المزيد من الأخبار
خلاصة لقاءات نفسية
عبقري العمارة الإسلامية -الدكتور المهندس محمد كمال إسماعيل
خلاصة لقاءات نفسية