مجلة ايفرست الادبيةpng
...

مجلة ايفرست

مجلة ايفرست الأدبية

الهارب والمطارد “فلسفة التعلق والانسحاب (الفصل العاشر: الجزء الرابع) – الكاتب هاني الميهى

📘 اسم الكتاب: الهارب والمطارد – فلسفة التعلّق والانسحاب
✍️ اسم الكاتب: هاني الميهي
الفصل العاشر: حين يسكت الطرفان ويظلّ الوجع ناطقًا

🔹 الجزء الرابع
ليس السكوت مجرّد غيابٍ للصوت،
بل هو في كثيرٍ من الأحيان شهادةٌ صامتة،
تحكي عن معارك خاضها القلب في الخفاء،
وعن كلماتٍ وُئدت وهي تحاول أن تُقال.
في لحظة الصمت الطويلة، يولد سؤالٌ مُربك:
هل سكتَّ لتُحافظ؟
أم سكتَّ لأنك استسلمت؟
من ذاق مرارة “الصمت بعد العاصفة”
يدرك جيّدًا معنى التناقض؛
أن تشعر بالحنين في قلبك،
وفي الوقت نفسه ترفض أن تُبديه.
أن ترفع عينيك إلى السماء فتتذكّر صوته،
ثم تُسارع بمحو الصورة كأنك تحمي نفسك من الضعف.
الصمت أحيانًا درعٌ تتّقي به الانكسار،
تحمي به كرامتك أو قلبك،
لكن حين يطول أكثر مما ينبغي،
يتحوّل من درعٍ إلى قيدٍ يُكبّلك،
ويبدأ الوجع يهمس في أعماقك،
ليس لأنك تفتقده،
بل لأنك تفتقد نفسك التي كنت تتحدّث بها إليه.
فما ينتهي بصمتٍ، لا ينتهي حقًّا،
بل يظلّ مُعلَّقًا في مساحةٍ رماديةٍ بين “انتهى” و”ما زال”،
تسمع فيها صدى الكلمات التي لم تُقل،
وتعيش فيها مشهد النهاية الناقصة،
التي لم يُغلقها أحد.
السكوت ليس نهاية العلاقة،
بل هو نهايةٌ تدفعك إلى إعادة تعريفك للحب،
وتُجبرك على أن تسأل ذاتك بصدق:
هل كنتَ تُحبّ حقًّا؟
أم كنتَ متعلّقًا؟
الصمت يُنبت وعيًا جديدًا،
وعيًا بينك وبين نفسك،
يُعلّمك أن الردّ ليس واجبًا دائمًا،
وأن الفهم أحيانًا أعمق من أيّ كلام.

#الهاربوالمطاردفلسفةالتعلقوالانسحاب
#هاني_الميهي