غربت الهدنة

Img 20250318 Wa0006

 

كتبت: ملاك عاطف

على حين غرة، لملمت الهدنة خيوط شمس الهدوء ورحلت، كان هدوءً حذرًا يلعب لعبة التخويف على أوتار أعصابنا المشدودة، وكنا نصرف وساوس الحقيقة المرصوفة في جعبة مستقبلنا بقوة، نصرفها بينما تتعالى أصوات عويل الوجع في دواخلنا!

رحلت الهدنة، كأنها كانت تريد هدنةً هي الأخرى، هدنةً من رطوبة أنفاس الحجارة المتكسرة، من ذكريات الأمس المضنية، من حسرات قلوب الفاقدين اللاسعة، من أحلام الطفولة المشوهة بأمطار البأس الحمضية، أو من كل شيءٍ ربما، أجل، من كل شيء!

لقد غدرتهم في نومهم لتقضي على غفواتهم الحالمة، وتسللت من تحت أغطيتهم إلى الغياب، انسلت من بين ثنايا سمار ليلتهم على رؤوس أصابع الإغفال؛ فلم يلحظوا أذى فعلتها، ولم يكشفوا مكر نيتها إلّا حين هرب النعاس من تحت الجفون، وشلّت القاصفات صرخات الحناجر، واستيقظت تلك الغفلة من موت التناسي ملتقطةً أنفاس أصحابها منجرفةً إلى أجواف قهرهم في خط ابتلاعٍ قسري!

أوقدوا نار الحرب من جديد، فزدنا وقود تسليمنا الذي لا ولم ولن ينطفئ.

عن المؤلف