الركن الآمن

Img 20250318 Wa0008

 

بقلم: سارة عماد.

 

في زحمة الحياة وضغوطات الأيام، نغفل أحيانًا عن حقيقةٍ جوهريةٍ تُحاكي مشاعرنا وتقوي إيماننا، تلك اللحظات التي ندرك فيها أن ما نمر به من صعوبات وآلام ما هي إلا جزء من رحلة طويلة، وبأننا لسنا وحدنا في خضم هذا العالم المليء بالتحديات.

“ويعلم أنه حين يأوى إلى ربه، يأوى إلى ركن شديد”، عبارة تختزل في طياتها الأمان والسلام الداخلي، وتذكرنا بأن هناك ملاذًا دائمًا نعود إليه، حيث يجد القلب السكون والعقل الراحة، وفي ذلك الركن الشديد، نجد العون والرحمة، حيث تتجلى معاني الطمأنينة ويغدق علينا ربنا بكل ما نحتاجه من قوة للاستمرار، وعندما تشتد الأزمات وتتعاظم الهموم، نحتاج أن نتذكر أن هناك يدًا تُمسك بنا، نستطيع أن نتوكل عليها ونسلم لها جميع همومنا وآلامنا؛ فالله _سبحانه وتعالى_، هو الصديق الأمين الذي لا يتركنا، وفي كل مرة نُلقي بشواغلنا في حضرته، نجد الإجابات التي نبحث عنها، ونلتقي بسلامٍ داخلي يغمر قلوبنا.

قد نواجه في كثير من الأحيان شعورًا بالضعف، أو ظلامًا حالكًا يحاصرنا من كل جانب، لكن في تلك اللحظات، يجب أن نستشعر وجود الله بقربنا؛ فهو ركنٌ شديد يمنحنا الحماية من عواصف الدنيا، هذا الركن يعلمنا أن نبني جدران الإيمان من حولنا، وأن نعتمد على ما هو ثابت ودائم في عالم متغير.

ويعلم أنه حين يأوى إلى ربه، يتجاوز كل حدود النفس، ويلامس صفاء الروح، يُحتضن في ذلك الركن بسلام لا يُضاهى، ويتجدد الإيمان في قلبه وسكونٍ يُعيد ترتيب أفكاره وأحلامه، الحزن يتحول إلى دافعٍ للأمل، والضعف يصبح منهجًا للقوة، إذ يؤكد أن كل اختبار ما هو إلا فرصة للنمو والتطور؛ لنتعلم من هذا أن نقف في أمور حياتنا بجسارة، لا نخشى الفشل ولا الانكسار؛ فكلما التقينا بالله، توجهنا نحو أهدافنا بقلوبٍ مطمئنة، وعزيمة لا تعرف الكلل، ففي فضاء الروح، لا توجد قيود، بل مساحات شاسعة من الحب والرحمة؛ فلنتذكر دومًا أننا لسنا وحدنا، وأن هناك ركنٌ نأوي إليه كلما احتجنا للقدرة على مواجهة تحديات الحياة، وفي هذا الركن، نجد النور الذي ينير دروبنا، ويعيد لنا الأمل في غدٍ أجمل، ورؤية لمستقبلٍ يعتمد على ما يُغذي أرواحنا بالإيمان والثقة. 

فلنسعى دائمًا إلى ذلك الملاذ، ولنُقبل عليه بكامل قلوبنا، مؤمنين بأن كل شيء سيكون على ما يُرام حين نتوكل عليه؛ لأنه سبيلنا نحو الأمان الحقيقي.

عن المؤلف