في مسرح الحياة

Img 20250313 Wa0010

 

لـِ سها طارق “استيرا” 

 

“واكتفيت بمشاهدة الأشياء وهي تذهب، وهي تأتي، وهي تبقى حتى، إني لا أفعل شيئًا سوى المشاهدة!” كأنني مشاهد صامت لا يفعل شيئًا سوى التأمل في مسرح الحياة؛ كانت الأحداث تمر أمام عيني كرياح تعبر صحراء بلا حدود، تاركةً أثرًا لا يمحى ولكنه غير ملموس. أشخاص يدخلون ويخرجون، أماكن تتغير، واللحظات تنقضي، بينما أنا ثابت لا أتحرك. في تلك اللحظة، أدركت أن حياتنا ليست سوى سلسلة من المشاهد المتغيرة، أشياء أحببناها تتبدد في فضاء الذاكرة وكأنها لم تكن يومًا. في زاوية حياتي، جلست أراقب الأحداث والأشخاص والأماكن التي تتلاشى، وكأني في فيلم صامت، وكل مشهد يحمل في طياته درسًا وعبرة. أنا أراقب دون تأثير، بينما الألوان تختفي، والوجوه تبتعد، والأصوات تتحول إلى همسات بعيدة. لم يكن الأمر مجرد فقدان الأشياء، بل فقدان جزء من نفسي؛ كلما شاهدت الناس يأتون ويثرون حياتي بتجاربهم وقصصهم ثم يرحلون، تاركين بصمات في عقلي وقلبي. لاحظت الأوقات السعيدة كنسيم الربيع تمر بسرعة، والأوقات الحزينة تعبر كعواصف الشتاء ببطء، وكل منها يساهم في تشكيل شخصيتي. شعرت أنني أعيش بين عوالم متوازية، حيث تتداخل الأشياء من الماضي والحاضر، تاركةً في شخصيتي فراغًا كبيرًا لا يمكن ملؤه. ربما كنت لا أفعل شيئًا سوى مراقبة الأحلام التي لم تتحقق بعد، وهي تلوح لي من بعيد؛ كما شاهدت الأشياء التي تبقى، مثل الذكريات المحفورة في الذاكرة، والأماكن التي تصبح جزءًا من كياني، والأصدقاء الذين يظلون بجانبي رغم المسافات. رغم ما كان يعصف بذهني من أشجان، لم أنكر أن تلك المشاهدة منحتني فرصة لفهم معنى الحياة؛ ففي كل مشهد يذهب، يأتي مشهد جديد يحمل فرصة ثانية. تعلمت أن أكون صبورة أمام الأشياء التي ترحل، والتي لم تأتِ، والتي تبقى. أدركت أن في كل هذا تكمن حكمة وإلهام جديد نحو رحلة ممتدة، وأن كل مشهد رأيته هو جزء من مسيرتي نحو المستقبل.

عن المؤلف