كتبت: هاجر حسن
في أعماق الغابة، داخل جحر صغير، كان هناك دب صغير لا يجرؤ على مغادرة منزله. كان يراقب العالم من نافذته، يرى الأشجار تتمايل، والطيور تحلق بحرية، لكن كلما فكر في الخروج بحثًا عن الطعام، تسلل الخوف إلى قلبه، فانكمش في جحره.
لاحظت الفصول أمره، وقرر كل منها مساعدته بطريقته. فتحدى الشتاء والربيع بعضهما لإخراج الدب من جحره، كلٌّ واثق بقدرته.
بدأ الشتاء أولًا، فأمر البحر أن يقذف ببضع سمكات طازجة قرب مدخل الجحر، ثم أسدل الثلوج البيضاء، كأنها قطع غزل البنات الشهية. لكنه لم ينجح؛ فقد ظل الدب في مكانه، متوجسًا من الشك والخوف. استسلم الشتاء أخيرًا، معترفًا بفشله.
تقدم الربيع بثقة، فنثر الأزهار أمام الجحر، وتغلغلت رائحة العسل إلى أنف الدب الصغير. أرسل نسمات لطيفة تداعب العشب، كأنها تدعوه للخروج. لكن الدب ظل مترددًا، غير واثق بالأمر. حار الربيع في أمره، متحسرًا على هزيمته.
وبينما كان الشتاء والربيع يتجادلان، جاء الصيف. لم يهتم بالتحدي، ولم يحاول إغراء الدب بشيء. بل أشار للشمس أن تقترب بهدوء، ثم بدأت بالغناء بصوت دافئ يشبه صوت الأم، تحمل نغماته شعورًا مألوفًا وحنونًا.
استرق الدب السمع، وشعر بشيء مختلف… الطمأنينة.
تردد قليلًا، لكنه أخيرًا خطا خطوة صغيرة، ثم أخرى، حتى خرج من جحره. استنشق عبير الزهور، تذوق العسل، والتهم بعض من السمك.
وهكذا، لم تكن القوة أو المغريات ما أخرج الدب من منزله، بل الطمأنينة والعطف، لأن القلوب تُفتح بالطمأنينة، لا بالمغريات.
المزيد من الأخبار
نهاية وهم
تحرر من قيودك!
أسرار اللحظات الصامتة