22 فبراير، 2025

في زمان ما

Img 20250207 Wa0016

كتبت آلاء محمود عبد الفتاح 

كم أشتاق لذلك الزمن الجميل، عندما كنت صغيرة، كنت في السادسة من عمري، كان أبي يوقظني، وأحيانًا أمي، فكنت أرتدي ملابسي، وكانت أمي تعد لنا الفطور، وتعد السندوتشات، الزمن الذي كان فيه أبي، فكان يأخذني إلى المدرسة، ويشتري ليّ الحلويات، وكل ما أحب، كنت أذهب إلى المدرسة، وأنتظر العودة إلى المنزل الدافئ، الذي أشعر فيه بالأمان، أنتظر وجبة الغداء الشهية التي كانت تصل رائحتها إلى الخارج، تؤخذني أمي من المدرسة إلى المنزل، أكون حينها منتظرة أمي بفارغ الصبر وكأنني وجدت طوق النجاة، والملجأ من كل شيء، عندما أعود إلى المنزل أجد جدتتي الحنونة جالسة تشاهد التلفاز، أحتضنها بحب، وأحتضن أبي الجميل، الذي كان يلهو معي، كان حنون للغاية، ودود، كان يشاهد في العاشرة مساءٍ الأخبار، فأحيانًا كنت أنام على ذلك الصوت، وأحيانًا أخرى كنت أنام على مشاهدة أفلام الرعب مع والداي، كانت حياة تملئها الهدوء، والرضا، والبركة، والطمئنينة.

 

 عرفت أُناس، ورحل عني أُناس، ولم يبقَ أحد الآن، أحببت القهوة مثلما كانوا يتناولها أهلي، فهي من بقت معي حتى الآن، أحببتها نعم! وكنت أتناولها، وما زلت؛ لأنها ستكون ليّ ملجأي، فإنها تصبرني على حزني، ويأسي، وتحتوي صمتي، فإنها بالفعل تمتلك تلك الصفات؛ لأن الآن أصبح الأمان معدوم، أصبحت وحيدة، ولم يوجد شيء يخرجني من كل حزن يسكنني سوى القهوة، لا تلوموا هذا ولا ذاك على أمور يفعلوها تزعجج؛ فإنها أحيانًا تكون عكس إرادته، بل ورغم عنه، أحيانًا الظروف تجعلنا نفعل أشياء تضر أنفسنا، ونحن لا ندري، أما الآن؛ فذهبت راحة البال، وجدتي، وذهب الأمان، وذهب أبي، بل رحل، وكنت أظنه يعود، ولكنه رحل، ولم يعد، لذلك أيقنت أن لا شيء سيبقى كما هو؛ بل{ كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام}. 

 

لذلك أصبح لدي يقين تام بأن الله معنا في كل حين، ولم يوجد أحد سواه ملجأ لنا، يسمع نجوانا، تقربت أكثر من الله، لماذا كنت غافلة عن قربي من الله أحيانًا، والجأ إلى عبد مثلي من خلق الله، كنت مع أُُناس كثيرون في أحزانهم، ولم أجد أحد يواسيني في حزني، لذلك لا تنسى الله يا عزيزي، الجأ إليه في كل آن، ومكان.

عن المؤلف