كتبت: ملاك عاطف
“أكثر آلامنا لم تأت من العدم، بل من الأيادي التي اعتقدنا أنها ستمسك بنا”
المنطق لا يكمن في الألم عينه، بل في اعتقادنا ربّما، لماذا تبنّينا هذا الاعتقاد من الأساس؟ وكيف رفعنا سقف توقّعاتنا إلى ذاك الحد؟ هل تستطيع أسوار ثقتنا أن ترسّخ اعتقاد التّمسّك في عقولنا حدّ توجّعنا من انسلاخه من علاقاتنا؟
قد يلعب اختلاف المفاهيم دورًا في ذلك أيضًا؛ فأنا أصيغ تعريفات المفاهيم بملخّصات تجاربي الّتي عشتها بين الكتب ومواقف الحياة المختلفة، وغيري تنتج مفاهيمه من بيئته، أو تنبثق من عاداتٍ وتقاليدٍ تربّى هو عليها، وإن كان المفهوم واحد، فعمقه ومعناه يختلف من شخصٍ لآخر. وهنا يطرأ على بالي سؤال: هل يحقّ لنا محاسبة بعضنا على آلامٍ سببها توقّعاتنا واختلاف عقليّاتنا؟
عبثًا أحاول إغلاق أفواه علامات الاستفهام المتكاثرة ببكتيريا الفضول الفلسفيّ؛ لذا سأتجاهلها وأشيح بوجه قلمي عنها منتقلةً لنقطةٍ أهمّ. ميزان العطاء، إنّه ذو كفّتين، الأولى: تزن المنح والبذل والتضحية الّتي يقدمها أطراف العلاقة. والثّانية: تزن التّراكمات المترسّبة في قاع المشاعر؛ جرّاء تجاهلٍ، أو قلّة اهتمام، أو جرحٍ غائرٍ بنصل كلمةٍ خدش رقّة الرّوح مخلّفًا ندبةً لا تزول علامتها، بل تزداد وضوحًا ببشاعةٍ كلّما سقطت عليه قطرة ذكرىى مالحة، أو لمسته يد الشّوق الخشنة.
نحن نتألّم؛ بسبب هذا الاختلاف، وهذا الاختلاف من جنس الطّبيعة، بغضّ النظر عمّا إذا كان صحيحًا أو منطقيًا، هو يحدث فجوةً ما، وإذا أخفق تجاوزنا في دملها، تتسلّل التّخلّي والفراق؛ فنحن بشر، وجبلّتنا فيها قدرًا من الحساسيّة، وخواطرنا حدودٌ لا نقدر على احتمال مساسها وتعدّيها من قبل أحد. صحيحٌ أنّ رصيد الودّ والحبّ يشفع، لكنه ينفد إذا لم يتجدّد باستمرار!
فلنكتفِ بذواتنا، ولنطرد العشم من ديار قلوبنا، ولنكفّ عن رهن سعادتنا للانتظار، ولنعلّق هذا الاقتباس حلقةً في آذان اندفاعنا لعلّه يتّزن: “أكثر آلامنا لم تأت من العدم، بل من الأيادي التي اعتقدنا انّها ستمسك بنا.”
المزيد من الأخبار
لقاء غير متوقع
جروح
التعلق المرضي وتأثيراته