بقلم: عبير البلوله محمد
في عالم يموج بالتحديات والتناقضات، تبرز النساء كأيقونات تحمل بداخلها قوة الانبثاق من قلب الألم، لطالما كان الحزن بالنسبة لنا كتلك اللحظات الليلية التي تسبق الفجر، حينما يعم السكون وتختفي الظلال، نحن النساء نمسك بزمام الألم ونُحوِّله إلى قوة جبارة تُعيد تشكيل أرواحنا كالنار التي تصقل المعادن.
بينما يسير الرجال في طريقهم بخطى ثابتة وربما يتجاهلون الجروح العميقة أو يخفونها تحت قناع الصلابة، نجد نحن النساء في آلامنا شريكًا ورفيقًا، نحتضن هذا الألم بوعي ونعانقه بقوة نشعر بها تتحول إلى طاقة إيجابية، في قلب كل تجربة صارمة نمر بها، نكتشف زوايا جديدة من قوتنا، زوايا لم نكن نعلم بوجودها.
تلك المواقف تكسر لوهلة الحواجز بيننا وبين قلوبنا، فنصبح أكثر دراية بما يجري في ذواتنا، من خلال مواجهة الألم، نُرحب بتفاصيل اللوعة، تلك الشظايا الناتجة عن جروح الماضي، لأنها تزيدنا تقبلًا وتفهمًا لأنفسنا ولمن حولنا، في هذه اللحظات، نُعلن بصوت هادئ لكن مؤثر، أن كل ألم يحمل في طياته بذور الحكمة والقدرة على التحول.
نحن النساء نفهم أن مواجهة الألم بشجاعة تجلب معها وضوحًا غير متوقع، لا ننكر الجرح بل نحتفظ بصورته ونتعلم منها، مؤمنات بأن من أحلك الظروف ينبعث النور، هذه التجارب تختلف عن الأسلوب الذي قد ينهجه الرجال، الذين يبلغون غالبًا نسبة نجاح في إخفاء معاناتهم من خلال التجاهل أو إلقاء غشاوة النسيان عليها، إلا أننا، في العمق، نعلم أن قوة المواجهة الحقيقية تأتي من اعترافنا بضعفنا قبل قوتنا، مما يجعلنا ننخرط في الحياة بشغف وهمة متجددة.
في نهاية المطاف، تتجلى كل نُدبة كرمز لفصلٍ من حكايتنا الملونة؛ حكاية تأبى أن تُروى بدون شمول كافة الأجزاء، السعيدة والحزينة معًا، هذه الحكاية، بماضيها وحاضرها، تصور لنا كيف أن احتضان الألم لا يصنع منا كائنات هشة بل يدفعنا لأن نكون أكثر صلابة وتفهمًا لمعنى العيش حقًا، نحن النساء نشعر بعمق، نحب بقوة، ونتجاوز بجرأة.
المزيد من الأخبار
وجع الانتظار ومتاهة الاختيار
الألم
الورقة