كتبت منال ربيعي
جلست مروة تتصفح صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك. كانت تشعر بالاختناق رغم أن الهواء يملأ رئتيها. الضيق الذي تعاني منه هو ضيق الوحدة، رغم وجود الكثيرين من حولها. لفت نظرها منشور بعنوان كرسي الاعتراف. علقت عليه وطلبت أن يُوجَّه إليها سؤال، ثم تركت هاتفها جانبًا وعادت لتفقد الطعام على النار.
رغم أنها تنظم وقتها بحيث لا يوجد لديها أي فراغ—الصلاة، الورد القرآني، القراءة لإتمام بحثها—عادت للهاتف ووجدت أن صاحب المنشور قد رد عليها بسؤال كما توقعت، لكن لم تكن تتوقع طبيعة السؤال: ما أكثر شيء تخافين منه؟
ترددت كثيرًا قبل أن تجيب، لكنها فعلت: أخاف أن يمضي عمري دون أن أجد الحب الذي أنشده.
على الفور وجدت ذلك الشخص الغامض، ذو الصورة الغريبة، يرد:
لا تخافي، أختاه. هذا الحب غير موجود، إنه وهم يُضحك علينا. صدقيني، ليس موجودًا.
استغربت منه كثيرًا وردت: لا، الحب موجود. ليس وهمًا.
وسرعان ما أرسل لها طلب مراسلة على الخاص. ترددت في قبوله، لكنها فعلت.
السلام عليكم ورحمة الله، أخي. لماذا هذه النظرة الحزينة للحياة؟
رد عليها:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أختاه. ليست نظرة حزينة، بل حقيقة عشتها. احذري من تلك الخدعة.
أغلقت حسابها، إذ شعرت أنه لا يصلح لمجادلته. أقسمت في قرارة نفسها أنه ذو تجربة مرة مع الحب.
على الجانب الآخر، كان مروان تستثير ذاكرته تلك البقايا المؤلمة لتجربته الوحيدة التي باءت بالفشل. قال محدثًا نفسه:
مسكينة… الحب أكبر وهم ظنه الناس حقيقة.
عاد ليواصل عمله كالمعتاد، حتى أرهق جسده من العمل. وعندما عاد إلى بيته، وجد زوجته كعادتها تحدق في التلفاز. ألقى السلام عليها وأسرع إلى وطنه الحبيب:
السلام عليكِ أماه.
نظرت إليه بعيون تبرق بالمودة:
وعليك السلام ورحمة الله، بني.
انحنى ليلثم كفها وينال حظًا وفيرًا من الدعاء الذي خرج من عمق قلبها. مسحت على وجهه بمحبة:
أرهقت نفسك كعادتك، بني. رفقًا، إن لبدنك عليك حقًا.
رسم ابتسامة على وجهه وقال:
لا أجد نفسي إلا في العمل… أشعر أنه الحياة.
وضعت يدها على صدره قائلة:
الحياة هنا، حبيبي. أسعد الله قلبك.
تبسم مروان ولم يعرف لماذا تذكر تلك الفتاة.
أما مروة، فقد أخذت دفترها وبدأت تكتب شعرًا كعادتها، للفارس المجهول الذي كادت تؤمن أنه موجود في خيالها فقط:
عيناك
عيناك تغرد بالفرح
عيناك يملؤها المرح
عيناك كهف مظلم
يشع داخله الفرح
يتبع…
المزيد من الأخبار
سموم سوء الظن
أميرة الماضي الأسود
أذْكُر أنني نمت بعد انهيارٍ مُفزع فاستيقظت شخصًا لا أعرفه