10 فبراير، 2025

إلى غادة السّمّان

Ha36115.jpex608389.original 193x300

كتبت: ملاك عاطف

“الحنين هو مسامير في نعش الحاضر”

كأنّك كتبت هذه العبارة؛ ليقولها لسان حالي، كأنّك قرأت في فنجان مشاعري نبوؤة ضيقٍ يصيب شغافي؛ لطول الانتظار، وكأنّ حدس أدبك أسرّ إليك ببلاغةٍ أنّي لن أطيق زخّات الغصّات المتتابعة الّتي تستهدف معتقداتي، كأنّ حبرك نهرٌ صبّ في مستقبلي وعاد إليك محمّلًا بنضجي؛ كي تصيغيه بحروف مرارة الحقيقة على تمزّقات ورق أحلامي الورديّة، بل كأنّك صدى لدخيلتي يرتدّ من بئر الماضي، أو لربّما هذا القبس المنبعث من منجم نثرك بدا ملائمًا لقامة روحي، فاتتّخذته لها ثوبًا؛ ثمّ دمجت نسيج عمقها فيه حتّى صارًا له ظلًا ومدادًا أعبق أنا بعبيره كلّما لامس أحدهم لبّ أفكاري. وماذا عن احتماليّة أن يكون قلم إحدانا من الأشباه الأربعين لقلم الأخرى؟ هل كان حبري جنينًا في رحم محبرتك؟ أم أنّ عقد ثقافتك قد انحلّ وأضعت حبّة لؤلؤٍ من حبّاته وأنت تجمعينها دون أن تنتبهي؟ وهل ثقافتي محظوظةٌ إلى هذا الحدّ؛ كي تعثر عليها وتكون من نصيبها؟ أم أنّ القدر هو من حملها إليها على فلك سراب الصّدف في بحر تلاقي الأفكار؟

صدقت وأصبت يا غادة، الحنين مسامير حادّةٌ تدقّ في نعش الحاضر، فتقتله سكرات الشّوق لشيء أو لشخصٍ أو لذكرى، ثمّ تحشره بين أركانه وتحكم إغلاق عينيه؛ لتضمن أن يظلّ أعمى عن الزّمان وعن المجريات من حوله، بينما تتلذّذ بمنظره وهو لا يبصر إلّاها. الحنين يا غادة قاسٍ جدًّا، لكنّا أدمنّاه إلى حدٍ صار فيه الخلاص منه مستحيلًا!

عن المؤلف