سوء الظن سم زعاف

Img 20241223 Wa0002

 

كتبت: هاجر حسن 

 

في صباح هادئ، استيقظ العصفور على صوت بكاء النحلة، فسألها بقلق: “ماذا حدث؟” 

أجابت النحلة، والغضب يعصف بها: “لقد جرحتني الزهرة المؤذية وأنا أستنشق رحيقها.”

قالت الزهرة والهمسات الحزينة تتساقط من صوتها: 

“حقًا أنا؟ لم أفعل!”

 

قالت النحلة بغضب: “بلى فعلتِ، وأردتِ جرح أجنحتي.” 

نظر العصفور متفحصًا الزهرة، ثم قال بصوت هادئ: “انظري جيدًا أيتها النحلة، الزهرة لم تجرحك. سلك شائك ألقاه أحدهم عليها هو من جرحك.”

خجلت النحلة واعتذرت للزهرة. 

 

ثم قال العصفور لهم، موجهًا كلامه للجميع:

 “قال الله تعالى: ‘يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ.’

إياكم وسوء الظن، فهو كالسم الزعاف، يندس في القلوب، يقطع العلاقات ببرودة، يشوه الرؤية، ويضلل الحقيقة، ويوقع صاحبه في الإثم.”

 

هو كالآفة التي تنخر الجذع، فتقتل قلبه، وتتركه خاويًا بلا حياة. 

نار تحرق الأخضر واليابس، فتسلب الحياة ألوانها الزاهية، وتتركها رمادية باهتة. 

 

سوء الظن فيروس يحتاج إلى اقتلاعه من جذوره قبل أن يتفشى في النفس ويدمرها. كما يقول ابن القيم: “سوء الظن: هو امتلاء القلب بالظنون السيئة بالناس؛ حتى يطفح على اللسان والجوارح.”

فإذا امتلأ القلب بالظنون السيئة، فلا بد من أن تظهر على الجوارح، فيؤول به الحال إلى التشويش على الواقع.

 

وأضاف العصفور وهو ينظر إلى النحلة بحكمة: 

“قبل أن تحكموا على الآخرين، توقفوا قليلًا واسألوا أنفسكم: هل ما أراه أو أسمعه هو الحقيقة؟ أم هناك زاوية أخرى لم أنتبه إليها؟

 

لا تدعوا سوء الظن يذبل أرواحكم، بل رووا قلوبكم بماء حسن الظن. 

ولا تتركوه يفتك بعلاقاتكم، بل اجعلوا الثقة والصدق هما أساس تواصلكم. 

قبل أن تحكموا على الآخرين، وتوقفوا وتذكروا أن وراء كل موقف، هناك جوانب لم تر.

عن المؤلف