كتبت مريم ناجي
. يا أيها الوجه الشاحب في قناعك الساكن، أين أنت من سكون العدم؟
ملامحك ليست كملامح، وحدودك ليست كحدود، في فراغك معنىٰ، وفي غموضك ألف سؤال لا إجابة له، خُطاك لو أنها خُطيت، تتماوج كأطيافِ دخانٍ هائم، ووجودك ينساب كحلمٍ يرفض الانتهاء، أيتها العيون التي لا تنظر بل تراقب، لا ترى ولكن تستشعر، كم من الحقائق أخفيتها تحت هذا البريق الوهمي؟
فيك بقايا من أرواح مرت، ظلال ذكريات لم تكن قط حقيقية، وأصداء أحاديث ضاعت في أروقة السكون، وجهك المسروم بأقسىٰ درجات الغموض، كأنما خُلق؛ لينطق الصمت؛ ليشبه كل شيء ولا شيء، الزمن حولك لا يمضي، بل يذوب، يلتف حولك كوشاح من أفكار لم تكتمل، في حضورك، كل قوانين المنطق تنكسر، كل محاولات الإدراك تتلاشىٰ، كأنك لغز وُلد من رحم العبث، كيانك لا يحمل إجابة، بل يطرح المزيد من الأسئلة، لا بداية تقود إليك، ولا نهاية تبتعد عنك، أنت الفراغ الذي يتسرب بين أصابع الزمن، والظل الذي لا يملكه ضوء، نظراتك خالية كصفحة بيضاء، لكنها تحمل أوزانًا لا تُرى، وصمتك لا يوحي بالسلام، بل يعج بأصوات غائبة، كأنما أنت مرآة تشوه ما تعكس، تعيد تشكيل العالم حولك بصور لا نعرف حقيقتها، لا أثر لخطواتك على الأرض، ولا صدىٰ لصوتك في الهواء ومع ذلك وجودك طاغٍ، يجبر العين على التحديق، والقلب على الاضطراب، الأفكار حولك تتساقط كأوراق ذابلة، تحاول أن تتشبث بجوهر وجودك، لكنها لا تصل، كل كلمة قيلت عنك تبدو ناقصة، وكل محاولة لفهمك تنقلب على نفسها، كأنك السراب الذي لا يُدرك، أو اللغز الذي لا يُحل، عالمك لا يعرف الاتساق، وأنت تسير فيه بلا حاجة لاتجاه، ما بين حضورك وغيابك، تترنح الحقيقة، كأنها خيط مشدود على وشك الانقطاع، تساؤلاتك التي لا تنطقها، تضغط على الصدور، تترك العقل معلقًا بين الإدراك والضياع، كل شيء فيك لا يمكن لمسه، لا يمكن وصفه، لكنه يظل حاضرًا، طيفًا يراوغ الفهم، أنت الحضور الذي لا يغادر، والغموض الذي لا يُكشف، خُلق ليتحدى الإدراك، ولتبقى أسئلتك قائمة دون نهاية.
المزيد من الأخبار
ماذا علمك زلزال 2025؟
لا تعجز
مزيج