كتبت: هاجر حسن
نظر الجد إلى حفيده، الذي كانت دموعه تتساقط بحرارة، فاقترب منه بخطوات هادئة واحتضنه برفق، وحاول تهدئة روعه، ثم سأله بصوت خفيض:
“ماذا حدث يا بني؟ لماذا هذا البكاء ؟”
أجاب الفتى بصوتٍ مكسور: “أمي مزقت صفحة الشعر التي كتبها، وقالت إن ما كتبته ليس إلا هراءً ومضيعةً للوقت. قالت إنني يجب أن أركز في مذاكرتي فقط.”
مسح الجد دموع حفيده بيديه الحنونتين، ثم قال له بصوت هادئ مملوء بالحكمة:” سأسألك سؤالًا بسيطًا، لكن فكر جيدًا قبل أن تجيب. هل يثير فضولك أن تعرف كيف تصنع والدتك الملابس بالتريكو؟ هل ترغب في تعلمه؟”
أجاب الفتى: “لا.”
قال الجد مبتسمًا: “هل تعتقد أن والدتك ستتوقف عن صنعها لأنك لا تحب التريكو؟”
أجاب الفتى بسرعة: “لا، هو مجرد هوايتها، لا يجب أن تتوقف عنها فقط لأنني لا أفهمها أو أحبها.”
ابتسم الجد ابتسامة مطمئنة وقال: “إذًا، افعل كما تفعل والدتك. أنت تحب الكتابة والشعر، فلا تتوقف عن كتابته، حتى وإن لم يفهمه الجميع. خصص له وقتًا دون أن يؤثر ذلك على دراستك. لا تحزن من تصرف والدتك، فبعض الآباء في لحظات غضبهم لا يدركون ما يفعلون. وفي بعض الأحيان يظنون خطأ، أن كل شيء يفعله الطفل دون المذاكرة، هو مضيعة للوقت.”
أضاف الجد:
“الموهبة نعمة من الله، فلا تدعها تذبل في داخلك. انمِها بقدر استطاعتك، وشاركها مع من يفهمها، مثل معلمك. في يوم من الأيام، قد تكتب ديوانًا يضيء فيه اسمك كالنجم في السماء، وحينها ستجد والدتك فخورة بك، وستعتذر لك عن كل لحظة لم تفهم فيها ما كان يشعل روحك.
وأكمل قائلًا: “انصت لصوت موهبتك، فلكل شخص في هذا العالم شغف يضيء دربه. كما كانت موهبة هارون عليه السلام في فصاحته التي ساعدت موسى في دعوته، وكما كانت موهبة يوسف عليه السلام في الفراسة التي أنقذت مصر من المجاعة. فاعمل على تطوير موهبتك، واستخدمها في النفع والخير، وستجد الطريق أمامك مشرقًا.”
ابتسم الفتي، وشكر جده، وامتلأت عيناه بالأمل، وهو يشعر أن دربه أصبح أكثر وضوحًا، وأن موهبته ستكون النور الذي يضيء مستقبله.
المزيد من الأخبار
وتفاقمت المسافات
وتفاقمت المسافات
وتفاقمت المسافات