كتبت مريم ناجي.
في عالمٍ غريب، حيث تختلط الظلال بالضوء، تقف تلك الكائنات في صمتٍ مرعب، هناك شبحٌ ضخم، لا يمتلك ملامح ثابتة، يتناثر جسده في الهواء، كالغبار الذي لا يعرف الزمن، يده تمتد؛ لتلتقط شبحًا، صغيرًا، هشٌ، لا يظهر من جسده، سوى وميض ضعيف يوشك على الانطفاء في أي لحظة، لكن هذا الكائن لا يبالي، فكل ما في يداه مجرد سر لا يُفهم، مثل حلمٍ ضائع في عوالم لا تُرى، وحولهم تتراقص أشباحٌ أخرى، غير مرئية أحيانًا، وأحيانًا تظهر في رمادٍ عابر، لا هي قريبة ولا هي بعيدة، إنها ليست أشباحًا بالمعنى المعتاد، بل هي ترددات في الفراغ، تنتقل بين الوجود واللاوجود، تتناثر بلا هدف ولا مغزى، لكن كل شبح، في كل لحظة عابرة، يأخذ شكلًا، ثم يفقده؛ ليصبح جزءًا من اللاشيء، هم لا يسيرون على مسارٍ واضح، بل هم عبور في زمنٍ لا يعترف بالحدود، يتحركون بلا أفق، بلا ملامح، كأنهم مجرد انعكاسات في مرآة مكسورة، وفي غمرة هذا الوجود الذي لا يدركه أحد، يصبح الشبح الكبير أداة للغموض، يحمل في طياته أسرارًا، لا يستطيع العقل البشري أن يراها أو يفهمها، وكلما اقتربنا من فهمهم، ازدادوا تباعدًا، كأنهم يدركون أننا لن نصل إليهم أبدًا، هم جزء من شيء أكبر، شيء لا يمكن لمخلوقٍ بشري أن يتخيله، الشبح الصغير الذي في يديه، في لحظةٍ ما، ربما كان هو ذاته الحلم المفقود، أو الذكرى البعيدة، التي تأبى أن تُمسك بها الأيدي.
المزيد من الأخبار
وتفاقمت المسافات
وتفاقمت المسافات
وتفاقمت المسافات