كتبت: دعاء محمود
تعد التفرقة بين الفتاة والصبي من أخطر العوامل التي قد تبني حواجز وخيمة ليس بين الأهل وأبنائهم فقط، بل قد تبنيها أيضًا بين الإخوة، فالأهل عندما يفرقون بين أبنائهم يقومون ببناء العديد من الحواجز بينهم وهذا ما سنوضحه معًا في هذا المقال.
كيف تكون التفرقة بين الفتاة والصبي؟
تكون التفرقة بينهم في المعاملة في البيت والحديث معهم من خلال العديد من المواقف، فعلى سبيل المثال: يلجأ بعض الآباء إلى تعنيف الفتاة على أي شيء قد تفعله، قد يعنفونها على كونها فتاة وليس صبي، رغم أنها لا دخل لها بهذا الأمر، فالله قد خلقها وكرَّمها وأحسن خَلقها، فلمَّ يعاقبها أهلها كونها فتاة؟! ويحطون من شأنها داخل المنزل، وهناك العديد من الآباء قد يحرمون فتياتهم من التعليم وممارسة حياتهم بشكل طبيعي خوفًا من المجتمع، ومن جلب العار لهم، ومَن الذي قال أنَّ الفتاة هي مصدر عار لأهلها؟! بل هي المصدر الأساسي للحنان والدفء والرفعة لأهلها، فالفتاة عند تعليمها تكون قادرة على تربية الجيل الصاعد تربية صحيحة.
على النقيض نجد الآباء يفعلون كل ما بوسعهم من أجل أبنائهم الصبية، فيقومون بجعلهم ذات مكانة داخل المنزل وذو شأن، ويتشاورون معهم بشأن أمور حياتهم، ويسعون جاهدين إلى تعليمهم وحصولهم على أعلى المراتب في المجتمع والحياة، ونسوا أنهم هكذا يهدمون ويقتلون طموح فتياتهم ويجردوهم من حياتهم وأحلامهم.
ما نتائج التفرقة بين الفتاة والصبي في البيت والمجتمع؟
من أخطر نتائج التفرقة بين الفتاة والصبي جعل الفتاة ذو شخصية ضعيفة داخل بيتها ومجتمعها، فضعف شخصية الفتاة يجعلها عديمة الثقة بنفسها، وتخشى مواجهة الحياة وتكون كالآلة تمامًا تنفذ ما يطلب منها بدون اعتراض حتى وإن كان ذلك سيعود عليها بأضرار وخيمة كتأديتها دورها كأم بشكل سلبي؛ لا تستطيع من خلاله مساعدة أبنائها.
أما عن الصبي فالتفرقة بين الصبي والفتاة تجعل الصبي يرى أنَّ الفتيات لا دور لهم في المجتمع، وأنه هو الآمر الناهي في حياتها، ناهيك عن اعتقاده الخاطئ أنه هكذا يحميها ويساعدها على عيش حياة كريمة ومريحة لها ولأطفالها، فالحياة الكريمة لم تكن أبدًا بحرمانها من حقوقها وقتل رغبتها في الحياة.
هل التفرقة بين الفتاة والصبي تبني حواجز بين الأهل والإخوة؟
نعم، فعند تفرقة الأهل بين أبنائهم في المعاملة يجعلون فتياتهم يشعرون أنهم منبوذون مِن أهلهم، ومِن مجتمعهم، وهذا يحطم ثقتهم بنفسهم، ويجعلهم دومًا يشعرون بالخوف من آبائهم وإخوتهم الصبية، وقد يلجأون إلى الانعزال والانطوائية بعيدًا عن أهلهم.
أما بالنسبة للصبي فهو يشعر وكأنه هو الشخص الوحيد القادر على اتخاذ القرارت، وجعله يحط من دور إخوته الفتيات، وقد يفعل هذا هو أيضًا عند بلوغه سن الشباب ويحطم أبنائه كما فعل آبائه من قبل.
كيف يمكننا القضاء على هذا الأمر؟
يمكننا القضاء على هذه الظاهرة بتسليط الضوء عليها، وتوعية الآباء بدور الفتيات في المجتمع، ومساعدتهم على تعزيز الثقة في نفوس فتياتهم، وبناء شخصياتهم، وألا يكونوا شخصيات ضعيفة في المجتمع، ويكونوا أمهات قادرين على تربية أبنائهم تربية سليمة تسعى لبناء مجتمع واعي.
وفي النهاية أود قول أنَّ الله سبحانه وتعالى قد كرم المرأة وأمر بتكريمها، ومعاملتها معاملة حسنة.
فقد ساوى الله بين الرجل والمرأة في أداء العبادات والأمور الدينية، قال تعالى: ﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: 35].
وهذا يدل على المساواة بين الرجل والمرأة في الأمور الدينية وعدم التفرقة بينهم.
وقد وصى رسولنا الكريم بمعاملة النساء معاملة حسنة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال رسول الله ﷺ: «استوصوا بالنساء خيرًا فإنهن خلقن من ضلع وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه فاستوصوا بالنساء خيرًا»
وهذا أمر للآباء والابناء والإخوة والأزواج أن يستوصوا بالنساء خيرًا، ويكونوا مصدر الأمن والأمان لهم، والداعم الأول لهم في تحقيق أحلامهم.
المزيد من الأخبار
الوهم الكاذب
الأدب مع رسول الله
قيمتك = هِمَّتك