يا شطرَ قلبي حين شقّتْني النوى ، يا من تركتَ الروحَ وسطَ عَراءِ يا أيها الوجهُ الذي لمّا يزلْ ، مرسومَ دمعي في تفاصيلِ رجائي.
أخي، وهل بعدَ الفواجعِ لوعةٌ؟ ، أو بعدَ صوتكَ من يُداوي ندائي؟ كنتَ الجناحَ، فكيفَ أمضي هائمًا؟ ، وأنا كسيرُ الحلمِ دونَ غِطائي؟
كنتَ الرفيقَ، ولستَ مثلَ جميعِهمْ ، كنتَ الوطنْ… وضياءَ كلّ فضائي كنتَ الحنانَ إذا الدروبُ تمزّقتْ ، والصدرَ إن ضاقتْ عليّ سمائي
رحلتَ، والكونُ انطفى في لحظةٍ ،وغدى المساءُ بغيرِ دفءِ إخائي كلّ العناوينِ القديمةِ خاليةٌ ، ما عادَ فيها ضحكتكْ أو صفائي
أخي، وصورتُك الجميلةُ لم تزلْ ،تُشعلُ فؤادي مثلَ نارِ دعائي عينايَ تحفظُ ظلكَ المتماهيَ الـ ، باقِي، كأنكَ لم تزلْ بسقائي
أشتاقُ أن نمضي معًا، أن نلتقي ،،عندَ الغروبِ، ونغزلَ الآهَ معًا أن نمسكَ الدنيا كعادتِنا سُدىً ،ونضحكَ حتى يذبلَ التعبُ اقتناعًا
أشتاقُ صوتَك حين تُنقذُ ضحكتي ،من خافقي، وتُعيدني إن ضِعتْ أشتاقُ كلّ تفاصيلِكَ… يا توأمَ الـ ، عمرِ الذي ما بعدَ بسمتِه فرحتْ
يا مَن سكبتَ النورَ في أوجاعِنا ،ومضيتَ وحدكَ نحو قبرِ سمائكْ لو أنّني كنتُ الفداءَ بدربِكمْ ، لفديتُ روحَكَ من حريقِ ترابكْ
أخي، غيابُك ليسَ شيئًا يُحتملْ ، هو خنجرٌ… يُغني الحنينَ عذابا هو سُقمُ عُمْرٍ لا يُداويهِ الدُعا ، هو موتُنا نَحيا بهِ اغترابا
لكنْ عهودُ القلبِ باقيةٌ على ،وعدِ اللقاءِ بدارِ ربٍّ رؤوفِ اللهمَّ إنّ أخي سكنَ ترابَهُ ،فاجعلْ لهُ في جنتِكْ مألوفِ
وارحمهُ، وارفعْهُ، وأكرمْ نزلهُ ، واجعلْهُ يسكنُ في الأمانِ المنيفِ وإذا بكيتُ، فإنّ دمعي شُكرُهُ ، على أخٍ كانَ الرفيقَ اللطيفِ
واجمعْ خطانا يومَ نلقاكَ رضا ، في جنّةٍ لا خوفَ فيها ولا جراحْ فالكونُ ناقصٌ برحيلكَ، يا أنا ، يا كلّ قلبي حين ضاقتْ بيَ الأرواحْ
أخي…
لستُ أراكَ، ولكنّ صوتَك في دمي ،نبضٌ، وشهقةُ مَن تأخّرَ عودُهُ
ما زلتُ أمشي والمدينةُ حولَنا ، فارغةٌ… كأنّها بلا وجودهُ
أجلسُ مكانَك كلّ صبحٍ صامتٍ ، أُرتّبُ الذكرى، وأبكي جودَهُ
أضعُ الفطورَ كعادتِك، ثمّ انثني ،كالمعدمِ المسكونِ في مفقودِه
حتّى الحكايا يا أخي قد هجرتني ، ما عدتُ أُتقنُ ضحكةَ الموعودِ
أُخفي انكساراتي كأنّي صخرةٌ ،لكنَّ قلبي داخلي مشدودُه
ورأيتُني…
أمشي إليك على طريقٍ قاتمٍ ،والشمسُ مطفأةٌ، كأنّ ظلالها
خجلتْ من الدمعِ المنسابِ فوقَ يديَّ…
وقفتُ عندَ القبرِ، لا أحدٌ معي
ورأيتُ وجهَكَ باسِمًا، لكنّهُ ، نورٌ يغيبُ… كأنّهُ في زوالِها
مددتُ كفّي كي أُعيدكَ لحضننا ، ناديتُك: “ارجعْ، قد تعبتُ وصالي!”
لكنّ صمتَ القبرِ كانَ يردّني ، وحدي، وأنتَ تقيمُ فوقَ الجلالِ
ثمّ افترقنا… والندى فوقَ الثرى ، كانَ الوصيّةَ بينَنا والمآلِ
وقلتُ: “يا الله، إنْ كانَ الرحيلُ قضاءَكْ ، فلا تحرمني لُقيا أخي في المآلِ…”
أخي…
كم مرّةٍ حاولتُ أن أمضي ونسيتْ ‘ قدمايَ كيفَ تسيرانِ بلاكَ؟
كم مرّةٍ خبأتُ وجهي في الدجى ، وبكيتُ من أنّي تكسّرتُ وراكَ؟
يا مَن رحلتَ ولم تُودّعني… أما ، كانَ الوداعُ يداك، أو عيناكَ؟
يا مَن تركتَ القلبَ مفتوحَ الأسى ، ما زالَ حيًّا… والرجاءُ غِطاكَ
يا مَن دفنتَ بمهجتي نصفَ الحياةْ ، والظلُّ في دربي يردّدُ ذكراكْ
اللهمّ إنّ النورَ في قبرِ أخي ، فاجعلْهُ روضًا، لا يضيقُ هناكْ
وإذا أتيتُك يا أخي في موضعي ، بينَ الترابِ، فكنْ دعائي معاكْ
علَّا نلتقي في حضرةٍ لا موتَ فيها ، ولا وداعَ… ولا حنينَ سواكْ
…يا شقيقَ الروحْ، سلامٌ عليكْ.






المزيد
نهاية عام وبداية أخر بقلم فاطمة فتح الرحمن أحمد
القوات الجوية بقلم حسام حسن
دنيا غريبة بقلم مريم الرفاعي