مجلة ايفرست الادبيةpng
...

مجلة ايفرست

مجلة ايفرست الأدبية

تُخِيفُ قلبي بقلم  صافيناز عمر “معشوقة البدر”

بدراني ،

أكتب لك الآن وكأنني أفتح قلبي على مصراعيه لأحكي لك ما لم أستطع قوله مرارًا… أكتب لك لأني أفتقد أن أكون في عينيك كما كنت دائمًا: تلك الطفلة البريئة التي دخلت عالمك بخوف ودهشة، واطمأنت لأول مرة حين لامست يدك يدي، وكأنك كنت الوعد الذي انتظرته عمري كله.

أنا مهما مرّ بي الوقت، ومهما كبُرت أمام العالم، فأنا في حضرتك ما زلت نفس الطفلة الأولى… تلك التي تعلّمت معنى الحب على يديك، التي حفظت تفاصيلك كما يحفظ طفل وجه أمه، والتي وجدت فيك وطنها وسقفها وأمانها. لا أريد أن أكون في حياتك مجرد شريكة، أو اسمًا يجاور اسمك في دفتر الأيام… أنا أريد أن أبقى أكثر من ذلك، أريد أن أبقى لك كل ما يُشعرك بالحنين، أريد أن أبقى بسمتك الأولى، وضحكتك الصافية، وأمانك الذي لا يتكرّر.

أتعلم ماذا أخشى؟ أخشى أن تنظر إليّ بعيني الاعتياد، لا بعيني الدهشة التي كنت تملكني بها. أخشى أن يتحوّل وجودي عندك إلى عادة، بينما أنا ما زلت أراك معجزة في حياتي. أريد أن تظل تلمحني بعينيك كأول مرة، أن تظل ترى في وجهي براءة الطفلة التي لم تزل تبحث عن حضنك لتختبئ فيه، أن تظل تعاملني كما لو كنت أمانة بين يديك، لا امرأة أنهكتها الأيام.

أنا يا حبيبي لم أتغيّر… ربما غيّرتني الضغوط قليلًا، ربما خبّأت الأيام شيئًا من ضحكتي خلف التعب، لكن قلبي ما زال هو ذاته، قلب الطفلة التي لا تعرف من الدنيا إلا أنك ملاذها. كل ما أتمناه أن تظل تذكّرني بما أنا عليه فيك، أن تظل تراني صافية مهما عكّرتني الحياة، وبريئة مهما اختلطت الطرق أمامي، وصغيرة مهما أثقلني العمر.

أحتاجك أن تظل تمسك بيدي كأنني ما زلت أتعلّم المشي في دنياك، أن تظل تناديني بلهفة وكأنني أعظم ما في حياتك، أن تظل تحضنني وكأنني أضع رأسي على كتفك لأول مرة. أريد أن أبقى في عينيك طفلتك التي لا تكبر، الطفلة التي تراها أجمل من الدنيا، والتي مهما ارتكبت من أخطاء تظل عندك نقية، لأنها ببساطة أنت الذي شكّلتها، وربّيتها على حبك، وأهديتها قلبك.

حبيبي، اجعلني في قلبك كما كنت… صغيرة في نظرك، بريئة في عينيك، غالية في حضنك. لا تجعلني يومًا أشعر أنني مجرّد تفصيلة عابرة، فأنا خلقت لأكون كل التفاصيل، لأكون الطفلة التي تضيء بيتك، والمرأة التي تُحيي قلبك، والروح التي تجد نفسها مكتملة فيك وحدك.

أنا لا أطلب المستحيل… أطلب فقط أن تظل عينيك مرآتي، التي أرى فيها نفسي كما أحب أن أكون، أن تظل يداك أماني، وصوتك سكني، وقلبك موطني. أطلب أن تظل تُناديني دائمًا بطفلتك، حتى وأنا أشيخ بين يديك… أطلب أن لا تفقدني في زحام الأيام، وأن لا تفقد تلك النظرة التي صنعتني من أول يوم.

فأنا يا حبيبي… لم أُخلق لأكون عابرة في حياتك، ولم أُعطَ لك لتتعامل معي كأنني واحدة من تفاصيل العمر. أنا وُجدت لأكون الأثر الأبقى، الطفلة التي تبقى في حضنك مهما تبدّل الزمان، والمرأة التي تظل في قلبك مهما تغيّرت الدنيا. دعني أبقى طفلتك البريئة، لا تفقدني ذلك، فبه فقط أعيش، وبه فقط أطمئن أنني ما زلت أنا… طفلتك التي لم ولن تكبر في عينيك.