إلى رفيقِ الدربِ الراحل
أيهم الرفاعي
رحلتَ… كأنَّ العمرَ كانَ سحابةً
وهبَتْ فراقاً واندثرتْ أحلامُها
رحلتَ… وتركتَ القلبَ بيتاً خاوياً
يسري به الحزنُ الطويلُ أمامَها
أما تذكُرُ… كيف كنّا نرسمُ الطرقاتِ
أحلامُنا تَغفو على كفِّ الأمانِ؟
وكيفَ كنّا في الليالي نَسهرُ الحُلْمَ الجميلَ
ونحتمي مِن كُلِّ جورِ الزَّمانِ؟
أيا فقيدَ القلبِ… ما للعينِ تدمعُ كلَّ حين؟
ما للحروفِ تموتُ حزناً في يدي؟
لم يبقَ بعدَك غيرُ ظلٍّ واهنٍ
وبقايا ضوءٍ في المساءِ المشهدي
أُحدِّثُ الأيامَ عنكَ… ولا تجيبُ سوى الجراحِ
تَسري كَسيلٍ من شظايا الذكرياتِ
كم كانَ طيفُكَ في الحياةِ مُسَعدي
واليومَ صِرتَ الحزنَ في كُلِّ الجهاتِ
يا صاحبي… يا من كأنَّك كنتَ عمري
يا روحَ قلبي في الرخاءِ وفي العنا
لو كانَ للحزنِ المُقيمِ نهايةٌ
ما كنتُ أحيا في الظلامِ بلا سنا
نم في رِحابِ اللهِ قلباً طاهراً
ما خانَ عهداً أو تَنَاسَى ودَّنا
وسألتقيكَ إذا تشاءُ مشيئةٌ
في دارِ خُلدٍ، حيثُ يفنى مُرُّنا
يا صاحبي…
رحلتَ، وكم خلفتَ بعدَك لوعةً
تُدمي الفؤادَ وتسكبُ الدمعَ السخيّا
كيفَ ارتضيتَ بأن أعيشَ مُشتَّتاً؟
وبأن أُصارع وحدتي ليلًا بهيّا؟
أواهُ يا خِلِّي… فقدتُ بكَ الأمانَ
وباتَ وجهي لا يُفارقهُ الأسى
في كلِّ رُكنٍ كنتَ فيهِ أراكَ طيفًا
يُناديني، فأصرخُ: هل تُرى؟
لكنَّ صوتَكَ لا يجيءُ، ولا أراكَ
إلا كَحلمٍ مُرهَقٍ ضاعَ الصدى
يا من ملكتَ الروحَ يومًا… أينَ غبتَ؟
تركتَني وحدي كَمَن فقدَ الحياة
أما وعدتَ بأن نظلَّ إلى الأبد؟
أما وعدتَ بأن تكونَ لي النجاة؟
يا ليتني… كنتُ الرحيلَ مكانَكَ
يا ليتني ذُقتُ الفراقَ بديلَك
لكنَّها الأقدارُ تمضي في جفاءٍ
تحيا القلوبُ بها، وتمضي فُصولُكَ
يا رفيقَ الدربِ… قد ضاقَت بي الدنيا
لم يعُد فيها لِنبضيَ من مُعين
أهيمُ في الطرقاتِ أبحثُ عنك دومًا
لكنَّني ما عدتُ أعثرُ غيرَ أنين
سأحيا على ذكراكَ رغمَ جراحي
سأمضي، وفي قلبي فُؤادٌ لا يلين
وسنلتقي… يومًا… سألقاكَ حيثُ
لا فِراقَ ولا جُروحَ ولا أنين






المزيد
شيء يُضاهي التلاقي، ولا شيء يُشبه نظرة الإنسان إلى الإنسان بقلم إيثار الباجوري
الحروب دمار القلوب بقلم مريم الرفاعي
لا يستحق أحد التضحية بقلم سها مراد