خيوط العنكبوت

Img 20250228 Wa0018

 

وليد اسماعيل علي

عزيزي القارئ، كما هو المعتاد، أبدأ حديثي معك بالسلام، ثم بالصلاة على خير الأنام، ومن ثم نتسامر معًا في أحلى الكلام.

 

هذه المرة، يا صديقي، سيكون لون كتابتي لون الأناقة وسيد الألوان، رغم دلالته على الحزن. نعم، سيكون هو اللون الأسود، ذلك اللون الذي وشحت به بلادي السودان، ذلك البلد الذي كان بمثابة منجم للخيرات، نظير ما يمتلك من موارد طبيعية لم تستغل بالكامل، والذي استغل منها كان لمصالح شخصية دمرت البلاد وشردت العباد.

 

ها هو عيد الأضحى المبارك يستعد للقدوم كما هو كل عام، ولكنه لم يجدنا في ديرانا كما هو معتاد، بل سيجدنا في ديار أخرى، في بلد آخر ذو عادات وتقاليد لم نعتد عليها بعد.

 

أيام ثورتنا التي كانت تمثل ثورة شباب وشعب امتاز بالرقي، وكانت عنوانًا للتكاتف الاجتماعي، أقبل علينا ذلك الأخطبوط (حميدتي) في ثوب حامي للشباب والثورة، وما لبث الأمر قليلًا حتى بدأ بلف خيوطه الواهنة حول الثورة وفض ذلك الاعتصام المشهور.

 

تشتت عقد الثورة منذ ذلك اليوم، وأصبحت فقط عبر المنابر الإذاعية وخلف شاشات التلفاز، ولا شيء ملموس منها في أرض الواقع، ومضت الأيام وتلاشت بالكامل.

 

وبدأ العنكبوت ينسج خيوطه حول الثروات في البلاد، وبدأ بوضع البيوض في كل مكان ذو تأثير حيوي في البلاد، إلى أن حانت ساعة الصفر، وبدأ بالانقضاض على كل شيء بشكل ظاهر للعيان في حرب ليس لها مبرر سوى الحقد والغل على المواطن السوداني.

 

لا أحب أن أطيل الحديث عن الحرب، نظرًا لبشاعة الموقف والغصة التي تقف في حلقي، وحزني على ما وصل إليه حال بلدي. ولكن دائمًا سيبقى الأمل بالله موجودًا، وسيعود السودان جميلاً، بلد خيرات وازدهار. وسينهض السودان كطائر الفيلق الأسطوري، وسوف نتعلم الدرس بعد ذلك الثمن الباهظ الذي دفع، وسنبقى على الأمل، ونحن بفضل الله، ومن ثم بالأمل، نعيش.

عن المؤلف