وجع الانتظار ومتاهة الاختيار

Img 20250116 Wa0141(1)

 

 

كتبت: خولة الأسدي 

 

 

“واكتفيتُ بمشاهدةِ الأشياءِ وهي تذهبُ، وهي تأتي، وهي تبقى، حتى إنِّي لا أفعلُ شيئًا سوى المشاهدةِ!”

 

وتسرَّب العمر من ثقوب الزمن، وطال مخاضُ الأمنيات، وكلما اشتدَّ الألم، ظننتُ اللحظة المنتظرة قد أوشكتْ، فإذا بها ولادةٌ متعسِّرةٌ، في واقعٍ قاسٍ، يُعيقُ ولا يساعدُ!

 

وحلَّلَ الجميعُ لأنفسهم جرحي بخناجر كلماتِهم، زاعمين أنَّهم إنَّما يُهذِّبون بذلك أغصانَ شجرةِ أحلامي، التي اخترقتْ سور الواقع، وتفرَّعتْ أكثر ممَّا يسمحُ به العُرفُ لفتاةٍ سرق العنادُ منها معظم حقوقِها دون أن تدري!

 

وحين نظرتُ إليه مستفهمةً، أتوسَّلُ منه أجوبةً تنفي اتِّهاماتِهم عنه، وجدتُه يُردِّدُ أسطوانتَه المشروخة: “معي فقط، ستصلين إلى شطِّ الأماني، حيثُ تنتظركِ أمنياتُ قلبكِ التي عِشتِ في انتظارِها عُمرًا. أنا الوحيد الذي يستطيعُ إيصالَكِ إليها أنتِ وكرامتُكِ بأقلِّ الخسائر”.

 

وتلفَّتُّ حولي، باحثةً عن كرامتي لأرى رأيَها في الأمرِ، فوجدتُ دماءَها تحيطُ بي من كلِّ جانبٍ!

 

ورفعتُ كفَّيَّ أمامَ ناظريهِ، كأنِّي أسألُه بصمتي عن سرِّ الجروح فيها، وأنا التي وثقتُ بصدقِه، وتشبَّثتُ بأطرافِه الحادَّة، فكنتُ أوَّل ضحاياها!

 

فتجاهل علاماتِ الاستفهام، ووضعَ ساقًا فوقَ الأخرى، وكأنَّه يقولُ: “حسنًا إذن، اذهبي إليهم، وسلِّمي قيادَ مصيرِكِ لأهوائِهم كنعجةٍ، ولا تعودي لي يومًا باكيةً تنتظرينَ منِّي تعاطفًا؛ فأنتِ من اختار”.

 

وبينما كنتُ أُغالبُ غصَّةَ خيبتي، شعرتُ بكفٍّ يُربِّتُ على كتفي، فالتفتُّ لأجدَ الحيرةَ تنظرُ إليَّ بإشفاقٍ، فارتميتُ بين ذراعيها أبكي حظِّي البائسَ!

عن المؤلف