رِحلة في عقل الكاتب “إبراهيم عزمي” يَبـوح بِما وراء كواليس رحلته الأدبية لأول مرة داخل مجلة إيفرست

Img 20250126 Wa0000

 

 

الصحفية: خديجة محمود عوض. 

 

بين حروفه تختبئ أسرار، وفي كلماته تنبض حكايات لم تُروَ بعد.. في حـوار استثنائي مع الصحفية خديجة عوض، تكشف الكاتب “إبراهيم عزمي” عن ملامح رحلته الأدبية، التي تجاوزت حدود الورق، وجابت عوالم الفكر والإبداع.. هُنا، حيث تتقاطع العواطف مع الأفكار، وحيثُ يبوح القلم بما خُفيّ خلف الكواليس، لنُبحر معًا في رحلة تكشف عن جوهر الأدب العربي..

___

 

1. في بداية مشوارك الأدبي، هل كنتَ مدفوعًا بشغف داخلي أم بتأثيرات خارجية؟ وكيف كانت البداية الأولى في عالم الكتابة؟

 

أعشق الكتابة منذ صغري، فالشغف هو المحرك الأساسي دوما لي. أتذكر جيدا كيف بدأت رحلتي مع الكتابة، فالبدايات لا تُنسى أبدا، وتظل محفورة في الذاكرة، فقد كانت بداياتي خلال أيام الجامعة، حيث كنت أكتب القصص القصيرة وأشارك في المسابقات الأدبية.

 

2. أنتَ الآن تُعرف كأحد الأسماء البارزة في الأدب، فما هو التحدي الأكبر الذي واجهته خلال رحلتك الإبداعية؟

أرى أنني مازلت في بداية الطريق، فالكاتب الحقيقي لا يصل إلى مرحلة يشعر فيها بأنه قد حقق كل شيء، وأمامي الكثير من التحديات، وأكبر تحدي هو القدرة على الظهور وخلق هوية تميزني وسط هذا الكم الهائل من الإنتاج الأدبي. وإثبات أني قادر علي إضافة أفكار جديدة مختلفة عن الموجودة على الساحة الأدبية.

 

3. في روايتك الجديدة، ماذا تحاول أن تقول للقارئ؟ وما الرسالة الأساسية التي ترغب في إيصالها من خلال أحداثها؟

 

تتناول الرواية فكرة أن لكل شخص سر يخفيه ووجه آخر لا يراه الآخرون، وهناك حقائق قد تكون أمامنا لكننا نرفض الاعتراف بها أو نعيد تشكيلها وفق أهوائنا. أحاول من خلال الأحداث أن أطرح تساؤلا: إلى أي مدى يمكن للإنسان أن يتجاهل الحقيقة أو يعيد تأويلها ليحمي نفسه؟ وهل الهروب من الماضي ممكن حقا، أم أنه مجرد تأجيل لمواجهة لا مفر منها؟ تطرح الرواية هذه التساؤلات من خلال حبكة مشوقة، حيث تتشابك الأسرار مما يجعل القارئ يعيد النظر في العديد من الحقائق التي يراها.

 

4. من خلال أسلوبك الأدبي، تُظهر قدرة على التفاعل مع القضايا الاجتماعية والنفسية. هل هذا التأثر بالمجتمع انعكس على روايتك الجديدة “سـر لَم يُدفن” ؟

لا يمكن للكاتب أن ينعزل عن المجتمع بكل تأكيد، فالأدب ما هو إلا انعكاس للحياة بوجوهها المختلفة. في روايتي “سر لم يُدفن” هناك مزيج بين الجانب النفسي والاجتماعي، حيث تدور أحداثها حول شخصيات دفعتها ضغوط الحياة إلى اتخاذ قرارات مصيرية غيرت مجرى حياتها. حاولت في الرواية أن أقدم رؤية واقعية لكيفية تأثير الماضي على الحاضر، وكيف يمكن للأسرار أن تتحول إلى سجون تُحكم قبضتها على أصحابها. تعكس الرواية أيضا تساؤلات حول العدالة، والخوف، والندم، وهي مشاعر إنسانية يعيشها الجميع ولكن بطرق مختلفة.

 

5. أين ترى تطور الأدب العربي في السنوات الأخيرة؟ وهل تلاحظ تحولًا في اهتمامات القراء أو في الموضوعات الأدبية التي تطرحها؟

الأدب العربي يشهد تطورا ملحوظا، خاصة مع ظهور جيل جديد من الكُتّاب الذين لا يخشون التجربة وتقديم رؤى مختلفة. كما ألاحظ أن القراء أصبحوا أكثر وعيا، فهم لا يبحثون عن قصة مشوقة فحسب، بل عن فكرة تثير فضولهم، ورسالة ومغزي لما يقرأونه، وأسلوب يترك أثرا في ذاكرتهم. هذا التطور يمثل تحديا لنا ككتّاب، حيث بات علينا أن نقدم أعمالا لا تُقرأ فقط، بل تُناقَش وتُعاد قراءتها.

 

6. روايتك الجديدة ” سـر لَم يُدفَن” ، على الرغم من أنها تتسم بالبساطة، إلا أنها تحمل أيضًا الكثير من الغموض في العنوان، كيف توازن بين البساطة في إيصال المعلومة وعُمق اللغة والبلاغة والسرد؟

أؤمن بأن أقوى النصوص الأدبية هي تلك التي تبدو بسيطة في ظاهرها، لكنها تحمل غموضا يمنح القارئ مساحة للتأمل والتفكير. التوازن بين السهولة والعمق يأتي من انتقاء الكلمات بعناية، بحيث لا تكون معقدة، لكنها في الوقت ذاته مليئة بالمعاني. لا أسعى إلى التعقيد في اللغة، بل إلى تقديم نص يجعل القارئ يشعر أنه يكتشف شيئا جديدا في كل مرة يقرأه. وهذا ما حاولت تحقيقه في “سر لم يُدفن”، حيث أن العنوان نفسه يستدعي التفكير في الأسرار التي نعتقد أننا دفناها، لكنها تظل تطاردنا.

 

7. هل يمكننا أن نتوقع مزيدًا من التجديد في عملك الأدبي المقبل؟ وهل ستظل تتمسك بأسلوبك المعتاد أم أنك تفكر في خوض غمار أفكار جديدة أو تغيير الاتجاه؟

بالتأكيد هناك مساحة للتغيير، فالكاتب الذي يكرر نفسه يفقد شغفه قبل أن يفقد جمهوره، يجب العمل علي التجديد سواء في نوعية الموضوعات التي أطرحها أو في اللون الأدبي. ومع ذلك، سأظل محافظا على هويتي الأدبية التي تعتمد على المزج بين الحبكة المشوقة والغموض، لأن هذا دائما ما أجد نفسي فيه.

 

8. في خضم رحلتك الأدبية، ما هي اللحظة التي شعرت فيها أنك حققت ما كنت تطمح إليه ككاتب؟ وهل هناك لحظة فارقة ساعدتك في تطوير رؤيتك الأدبية؟

أعتقد أن الكاتب لا يصل أبدًا إلى نقطة يشعر فيها أنه قد اكتفى بما حققه، فالإبداع رحلة مستمرة. لكن هناك لحظات تمنحك شعورًا بأنك على الطريق الصحيح، وأنك حققت بعض ماكنت تتمناه، مثل تفاعل القراء علي أول عمل لي – رواية ” صانع الماريونيت”- ، شعرت حينها بالسعادة تغمرني، ولكني قررت حينها أنه يجب أن أبحث عن الأفضل دائما. اللحظة الفارقة في مسيرتي كانت عندما أدركت أن الكتابة ليست مجرد سرد لقصة، بل مسؤولية تجاه القارئ والمجتمع.

 

9. كيف ترى نفسك الآن بعد هذا الحوار؟ وهل شعرت أن الأسئلة كشفت جانبًا مختلفًا عنك لم تتحدث عنه من قبل؟

هذا الحوار جعلني أتوقف للحظة، وأعيد التفكير في رحلتي الأدبية من زوايا لم أفكر فيها مسبقا. بعض الأسئلة حفزتني على إعادة النظر في علاقتي بالكتابة، وفي الأسباب التي تدفعني للاستمرار. أعتقد أن مثل هذه الحوارات ليست مجرد لقاءات إعلامية، بل هي فرصة للكاتب ليرى نفسه من منظور مختلف، وهذا جزء مهم من عملية التطور الإبداعي.

 

وفي ختام هذا الحوار، لمسنا كيف يحوّل الكاتب إبراهيم عزمي شغفه إلى أدب يمزج بين العمق والغموض، مؤكدًا أن الكتابة مسؤولية ورسالة تتجاوز حدود الورق. من أعماله التي تخاطب القارئ بجرأة وذكاء، يثبت أن الإبداع رحلة مستمرة لا تعرف الاكتفاء.

عن المؤلف