ظل الأمل

Img 20241222 Wa0046

 

الكاتبة:- سلسبيل حسين 

 

في قلبِ مملكةِ “نوران” التي كانت تشتهرُ بسلامها وقوتها، كانت هناكَ أسطورةٌ قديمةٌ تُحكى عن ظلامٍ سيغزو الأرضَ ليأخذَ منها كلَّ نور. قد أُهملتِ الأسطورةُ مع مرورِ الزمن، لكن لم يكن أحدٌ يعلمُ أن تلكَ الأسطورةَ ستصبحُ حقيقةً. في ليلةٍ مظلمةٍ، اندلعت نيرانُ الظلام، وظهرت قوةٌ غامضةٌ تسعى للقضاءِ على كلِّ ما هو حي، وجاءَ “كوليوس”، كائنٌ من الظلالِ، ليعلنَ بدايةَ النهاية.

 

كانت مملكةُ “نوران” محصنةً، ولكن شيئًا ما كان يخفقُ في قلبِ الملكةِ “ألينيا”، التي حكمتْ بحكمةٍ وشجاعة. كان هناكَ شعورٌ غريبٌ يغمرها، وأحلامٌ مبهمةٌ تلاحقها كلَّ ليلةٍ، عن فتىً شابٍ ستتغيرُ حياتُه، وسيكونُ له دورٌ في إنقاذِ المملكة. ورغم أن الشعبَ كان يظنُّ أن المملكةَ في مأمنٍ من كلِّ شرٍّ، إلا أن الظلامَ اقتحمها. نهبتْ قوى كوليوس المدنَ، وأشعلتْ الحروبَ في الأرض، وأطفأتْ شموعَ الأمل.

 

في تلكَ الأثناءِ، في قريةٍ نائيةٍ، نشأ شابٌ بسيطٌ يُدعى “إيريان”. كان قرويًا عاديًا، يكدحُ ليعيش، ويقضي أيامه في زراعةِ الأرضِ وتربيةِ الحيوانات. لم يكن يعتقدُ أبدًا أن له دورًا في المعركةِ الكبرى التي كانت تُحاكُ في الظلام. لكن في تلكَ الليلةِ، عندما هاجمَ الظلامُ قريته، وكان كلُّ شيءٍ يغرقُ في الفوضى، اكتشفَ إيريان أنه يحملُ قوةً غريبةً. كانت الرياحُ تحت سلطته، وكأنها تجيبُ كلما نادى. في تلكَ اللحظةِ، شعرَ أن شيئًا غيرَ عاديٍ يحدثُ في داخله.

 

أخذته الرياحُ بعيدًا عن قريته المدمرة، ووصلَ إلى عاصمةِ المملكةِ حيث كانت الملكةُ ألينيا تجمعُ القادةَ والشجعان لملاقاةِ الظلام. وعندما التقيا، أخبرته ألينيا أن الأساطيرَ قد تحدثتْ عن شابٍ سيحملُ الأملَ في قلبه ويعيدُ النورَ إلى الأرض. وأخبرته أن قوته ليست من قبيلِ الصدفةِ، بل هو الشخصُ الذي تتنبأُ به النبوءةُ القديمةُ.

 

لم يكن إيريان جاهزًا لما سيواجهه. لم يكن فارسًا ولا محاربًا عظيمًا، لكنه كان يعرفُ في قلبه أنه لا خيارَ آخر. انطلق مع ألينيا في رحلةٍ مليئةٍ بالمخاطر، حيث كان الظلامُ يترقبهم في كلِّ زاويةٍ. واجهوا وحوشًا أسطوريةً، جحافلَ من الظلال، وفخاخًا سحريةً لا تُحصى. ومع كلِّ اختبارٍ، كان إيريان يكتشفُ في نفسه قوةً جديدةً، بينما كانت ألينيا تعلمه دروسًا في القيادةِ والشجاعةِ، وفي أن القوةَ الحقيقيةَ لا تكمنُ في السلاحِ، بل في الإيمانِ بالنفسِ والهدف.

 

بعدَ شهورٍ من المعركةِ والصراعِ، وصلوا أخيرًا إلى قلعةِ “كوليوس”، حيث كان هناكَ معركةٌ فاصلةٌ تنتظرهم. كان الظلامُ يحيطُ بكلِّ شيءٍ، وكان كوليوس يترصدهم في انتظارِ لحظةِ الهجوم. لكن إيريان، الذي تعلمَ السيطرةَ على قوته، قررَ أن يواجهه في معركةٍ واحدةٍ. كان يعرفُ أن الظلامَ لا يزولُ إلا عندما يواجهه النورُ بشجاعةٍ.

 

تواجهَ إيريان وكوليوس في معركةٍ رهيبةٍ، حيث كان كلُّ منهما يستخدمُ قوته حتى النهاية. لكن في تلكَ اللحظةِ الحاسمةِ، أدركَ إيريان أن قوته لا تكمنُ فقط في الرياحِ أو النارِ أو الماءِ، بل في قدرته على النضوجِ والتغلبِ على نفسه. فرفعَ يده نحو السماء، وانفجرت الرياحُ حوله في دوامةٍ من الضوءِ، محطمةً سيفَ كوليوس المظلم. تراجعتْ قواتُ الظلامِ، وسقطَ كوليوس أخيرًا.

 

بعدَ انتصارهم، عادت المملكةُ إلى الحياة. عاد النورُ ليشرقَ من جديدٍ، وعادت الأرضُ لتزدهر. أصبحَ إيريان ليس فقط بطلًا في عيونِ شعبه، بل في قلوبِ الجميع، لأنه أظهرَ لهم أن الأملَ يمكنُ أن يولدَ في أحلكِ اللحظاتِ. بينما كانت ألينيا تقفُ بجانبه، أدركتْ أن الظلامَ لن ينقضَّ أبدًا على من يظلُّ يثقُ بالأملِ.

 

مرت الأيامُ، وعادت المملكةُ إلى عهدها الذهبي. أصبحَ إيريان قائدًا للحرسِ الملكيِّ، يروي لأجيالِ المستقبلِ قصةَ النورِ الذي عاد بفضلِ الشجاعةِ والإيمانِ. والظلامُ، مهما طالَ، لا يستطيعُ أن يقهرَ النورَ الحقيقيَّ الذي ينبعُ من القلبِ.

 

النهاية.

عن المؤلف