حوار: عفاف رجب
التنمية تبدأ أولًا من الشخص ذاته القادر على تحديد موهبته وتنميتها، ومن ثم أسرته التي تسعى إلى تشجيعه ومساعدته في إيجاد بعض الحلول للمشكلات التي تواجهة، والإرادة العامة للشخص من خلال اكتساب الخبرة من الحياة وتطويرها وإعادة بناءها بصورة سليمة.
معنا بسمة ممدوح، كاتبة روائية، من مواليد محافظة الإسكندرية، حاصلة على درجة الليسانس في الآداب قسم الأنثروبولوجيا شعبة الأنثروبولوجيا – كلية الآداب – جامعة الإسكندرية، حاصلة على شهادة في دراسات الصحة العقلية- الانتحار والسلوك العنيف وتعاطي المخدرات، مُنسقة كُتب وروايات، ومُدققة لُغوية، عملت مع عدة دور نشر في التنسيق والتدقيق اللُغوي.
كاتبة قصص مسموعة، نُشرت عبر اليوتيوب، وعملت كمُعدة لبرامج على اليوتيوب.
لها العديد من الروايات والقصص والشعر والخواطر التي نُشرت إلكترونيًا، كما أنه نُشر لها خمس أعمال ورقية بالأعوام الماضية، وفي انتظار العمل السادس الصادر بمعرض القاهرة الدولي للكتاب عام ٢٠٢٥.
وعن عملها القادم: هي رواية جريمة فانتازيا، وعلى الرغم من أني اعتدت كتابة الجريمة إلا أني ولأول مرة أخوض تجربة الفنتازيا، وهي فنتازيا خفيفة تمتزج بالواقعية، نسير في تلك الرواية بخطين، أحدهما يظهر به طبيب هادئ ومحترم، لا تتوقع منه أي شيء سيء، لكنه يًفاجئك أنه قاتل مُتسلسل! أحداث كثيرة وجرائم أكثر وجميعها تدور حول سبب واحد فقط، سبب لا يُعقل!
أما في الخط الآخر فهُناك اثنين يبحثان فقط عن الحياة! ولا تعرف معنى تلك الرحلة إلا إذا دخلتها، ومن خلال تلك الرواية ستعيشها مع الأبطال.
وإليكم حوارنا مع الكاتبة بسمة ممدوح..
_بداية الغيث قطرة؛ فمن أين بدأت غيث الكاتب، حدثنا عن هذا الجانب وهل تحدد مواعيد لها، أم هي موهبة فطرية؟
بدأت أكتب منذ عام ٢٠١٥، كنت أشعر دائمًا أن هناك موهبة دفينة بداخلي، كنت أخرجها دائمًا على هيئة شعر ونثر مُنذ صغري لكني لم أفكر يوم في كتابة الروايات، إلى أن دقت فكرة رأسي وظلت تتخبط داخل عقلي إلى أن قررت خروجها وكتابتها، وكانت تلك أول رواية رسمتها حروفي وأنا في سن السادسة عشر تقريبًا.
ولم أكن أعلم أنني أملك هذه الموهبة، لكن عندما اكتشفتها لم أتوقف عنها لحظة، وإن أقسمت أن هذا رغمًا عني وكأن تلك الموهبة تسوقني لن يُصدقني أحد بالتأكيد..
ومُنذ أن بدأت كتابة لم أحدد قط مواعيد لها، هو مجرد إلهام يطرق رأسي فجأة، بالرغم من لزوم إنهاء روايتي في وقت مُحدد منذ أن بدأت في نشر الروايات ورقيًا لنستطع من بعدها إنهاء باقي الإجراءات إلا أن الأمر يكون برأسي قبلها بوقت كبير إن لم أكن أنهيتها قبل التفكير في نشرها من الأساس.
_لمَ بدأت بالكتابة؟ ولمَ تكتب اليوم؟ وهل ثمّة جدوى تتحقّق من فعل الكتابة؟
بدأت بالكتابة كي أخرج من الضيق ولو قليلًا، ولم أكن أعلم أنها الفرج دائمًا وإننا سنأخُذ بعضنا سويًا لطريق آخر تمامًا، كما أني أكتب اليوم ولن أتوقف أبدًا لأني أرى روحي في الكتابة وأسعد بها كما أن تلك الموهبة لم تترُك مالكها بسهولة، فطوال الوقت أجدها تجبرني على تنفيذ أوامرها وكتابة كُل ما يطرق رأسي كي لا أُجن من كُل هذه الضوضاء، وعلى الرغم من حبي للكتابة الجم لكني لم أبحث يومًا عن جدوى من ورائها وأجد فقط جدواي منها أني أحقق حلمي بها وأقبض كل عام بين يدي على كتابًا جديدًا يحمل اسمي.
_هل واجهت بعض الصعوبات في بداية مشوارك الأدبي، وإلي أي مدى سببت كتاباتك مشاكل لك إن وجدت؟
لم أواجه صعوبات أبدًا ولله الحمد بمشواري الأدبي، مُنذ أن كنت أكتب لنفسي إلى أن قررت خروج الكتابة للعام، وإلى أن بدأت نشر الأعمال ورقيًا، فقط كُنت أسعى وإن يرى الجميع أن السعي صعب، فأنا كُنت أراه رحلة جميلة، ولا أذكُر مشكلات خلال تلك الرحلة، فقط كانت تتعرض كتاباتي للسرقة في وقت ما لكني كُنت أستطيع حل تلك المشكلة، والآن وبعد تسع سنوات تقريبًا من هذه المطاردة أجد الأمر مضحك لا أكثر.
_بالنسبة لك؛ ما هي المعايير الواجب توافرها لدي الكاتب، وهل تفضل صاحب الكلمات العميقة أم البسيطة التى تجذب القارئ أكثر؟
أرى أن المعايير التي يجب وجودها بالكاتب، هي الأخلاق أولًا قبل أي شيء، ليتمكن على الأقل من التواصل مع جمهوره وهذا أهم شيء، ومن بعد ذلك بالتأكيد اللغة القوية، الحصيلة اللُغوية الكبيرة، أن يكون قارئ حتى وإن لم يكُن دائم ولكن القراءة واجبة للكاتب بكل المقاييس، وبالنسبة ليَّ فأنا لا أفضل الكاتب صاحب الكلمات العميقة أو الكاتب صاحب الكلمات البسيطة السهلة، أنا أرى أن الاثنان يجب توافرهما لدى الكاتب الحقيقي، لكنه يستطيع توظيف الأمر في مكانه الصحيح، لأن الفكرة ليست في عمق الكلمات ولا في بساطتها، الأمر يرتبط بالعمل نفسه ولونه ولأي فئة يتم تقديمه.
_حدثينا عن تجربتك مع الدار التى تشاركين معها هذا العام بيت الروايات؟ وعلى أي أساس تقومي باختيار دار النشر؟
دار بيت الروايات التي أشارك معها عملي هذا العام هي من أحسن دور النشر التي ستثبت أقدامها في عالم الأدب وبسرعة كبيرة، ومالكتها معروفة لدى الكثير في الوسط الأدبي وأنا أولهم وهي شخصية ذات ثقة كبيرة، تستحق النجاح وتستحق أن نطمئن على أعمالنا معها، وأراها ستغير الكثير في مجال النشر بالنسبة للكاتب لأن غايتها ليست التربح من الأمر، غايتها أسمى من ذلك بكثير وتملك مصداقية حقيقية لم أرَها من قبل إلا قليلًا جدًا.
وبالنسبة للأسس التي أقوم باختيار دار النشر عليها فهي كثيرة، ولكن أهمها المصداقية.
_بمن تأثر كاتبنا العظيم، ولمن تقرأ الآن؟
تأثرت مُنذ البداية بالكاتب حسن الجندي بالرغم من أن لوني في الكتابة مختلف عن لونه لكن كتابته استطاعت أن تؤثر بداخلي حقيقي على غير عادتي، وعلى الرغم من أني لم أقرأ للكاتبة الكبيرة أجاثا كريستي أي شيء إلا أن أطلق عليا بعض قُرائي أجاثا كريستي مصر، وأجزموا أني مُتأثرة بها! وقريبًا سأقرأ رواياتها لأرى بنفسي وأُقيِّم هذا حقيقي أم لا؟ واقرأ الآن لأكثر من كاتب وفي أكثر من مجال، بالمعنى الأدق لا مانع من قراءة كُل شيء إن كان يستحق.
_ما هو خمول الكتابة أو القراءة بالنسبة لكِ، وكيف تحكمين عليه بأنه خامل؟
أرى أن النفور من الكتابة أو القراءة هو أمر حتمي وطبيعي أن يحدث للكاتب أو القارئ أحيانًا ولكن أرى أن الأمر يعود كالسابق بالتأكيد ولكن يجب أخذ الراحة الكافية أولًا كي نستطيع العودة.
_هل تعتقد أن الكتابة تندرج تحت مسمي الموهبة أم الهواية أم خلاف ذلك؟
إن لم تكون الكتابة موهبة أولًا فلا تستطع أن تكون كاتب من الأساس، فبالتأكيد الكتابة موهبة وهواية معًا، لأنك أيضًا إذا لم تمتلك الهواية لم تستطع الصمود أمام الكتابة لأن الأمر ليس سهل أبدًا، ولا أرى أن الكتابة خلاف ذلك، هي موهبة وهواية اجتمعا وأنماهما التعلُم والبحث.
_قربي أعمالك الأدبية الورقية والإلكترونية أكثر إلي القارئ بشيء من الإيجاز.
أعمالي الأدبية كافة تسير في خط الغموض والإثارة، إن كانت اجتماعية أو جريمة أو غير ذلك، ولكن معظم أعمالي الإلكترونية والورقية تُصنف ضمن الجريمة والنفسي، وأجد نفسي دائمًا في هذا اللون.
_إذا وجد الشيء وجد نظيره، فهل لاقت كتاباتك نقدًا، وكيف كان تأثير هذا النقد عليكِ إذا كان هدامًا، وما هي نصيحتك للنقاد؟
وكما ذكرت أني لم ألقى صعوبات في هذا المجال حتى الآن لم أرى أيضًا نقد، بالرغم أن بعض الأحيان كنت أرى قارئ أو اثنان لا يُحبا الغموض لأن صبرهم لا يتحمل، وآخر لا تعجبه النهاية المفتوحة فكان يود أن يعرف ماذا حدث، وآخر لا يحبذ النهاية الحزينة، وفي جميع الأحوال كانوا يحبون الرواية ويمدحونها بجانب هذا النقد، فكنت أرى أن الأمر مُفرح وليس مُحزن بالنسبة ليَّ، وأن أي تأثير أؤثره في القارئ يُحسب ضمن نجاحي ونشاط حروفي. وأنصح النُقاد أن يكونوا بنائين دائمًا كي يتم النظر لنقدهم، وأن يكون النقد للعمل وجوانبه فقط وليس للكاتب نفسه.
_هلّا كتبت لنا مقتطفاتٍ من كتاباتك.
قسم باب شرق
“إذا قال لك أحدهم ذا يوم:
توقع أي شيء من أي شخص.
اتركه لحظات حتى ينسى جملته هذه ثم اصفعه بغتةً دون سابق إنذار، وعندما يتعجب من فعلتك، اسأله أنت وقتها: هل توقعته؟”
-قسم باب الشعرية
“دائمًا الدنيا ما تخفي وراء كُل لحظةٍ سعيدة ما يُفسدها ويهدمها ويُدمِّر كُل حُلوٍ فيها، ولكن هذه المرة كانت قاسية لدرجةٍ كبيرة، ككُل مروة! ومتى كانت الحياة حانية؟!”
-ESP (الحاسة السادسة)
“ليس دائمًا أوجاعنا تكُن مرضًا، من المُمكن أن تكون هبة، ولكن ماذا إذا كانت تلك الهبة نقمة على صاحبها؟!”
-فلاش باك
“كُلَّما أردت شيءً أو انتظرته لا يأتي، اطرده من رأسك تمامًا وستجده يأتيك مُهروِلًا.”
-الذاكرة
“هل تخيّلت يومًا الوقوف أمام مرآتك لتسألها مَن هذا؟ فلا تجد ردًا! تلك هى الخيانة الأكبر التي قد تتعرض لها في الحياة، أن تأتيك الخيانة من ذاكرتك، يخونك عقلك، أن تهتز روحك كُلَّما حاولت تذكُّرها فلا تجد عنها سوى ضباب، عندما تُصاب ذاكرتك بالعطب فلا تعرف مَن تكون، تتشتّت أفكارك، تقع فريسة الأوهام، فلا تدري أيُهما أنت، الظالم أم المظلوم؟! الجيد أم السيء؟! الفعل والنقيض، فتموت ببُطء لم يسبق لأحد النجاة منه أبدًا..
ماضيك مُبهم، حاضرك يهتز، فلا تعرف لذاتك مُستقبلًا، يتلاعبُ بك اللاوعي فلا تدري أبدًا حقيقتك.
الذاكرة هى مربط الفرس ومفتاح اللُّغز وشفرة الروبيك.. الذاكرة هي كُل شيء.”
-رواية معرض القاهرة للكتاب ٢٠٢٥
“الجو مشحون بشيء قابض، مُقلق، تشعُر وكأنك في دوامة كبيرة لا نهاية لها، ترى كُل شيء في ثوب آخر غير الذي اعتاد العالم عليه، كُل ما حولك مُلطخ بسوادٍ قاتم، ترى الحُب لأول مرة بشكل لا يليق به أبدًا، تراه يُعادل المال! أصبح الحُب والمال وجهان لعملة واحدة، تستطيع أن تعثُر عليهما بطريقة واحدة، برغم كونهما لم يتفقا يومًا، فالآن أصبحا واحدًا، والطريق إليهما واحد! وكُتب عليك ميراث هذا الطريق وإن كانت الغاية ليست واحدة! لكنك في النهاية ستنساق! تشُعر وكأنك آلة، لا تعلم كيف تفعل كُل هذا، وما الذي جاء بك إلى هُنا، لكنك مُضطر أن تستمر، عقلك يجبرك على هذا، فتنجرف وتنجرف وراء شهواتك إلى أن تصل لسد عظيم، لا تستطيع تخطيه، أو اختراقه أو التقهقُر أمامه.. انتهى كُل شيء وأضحيت ضحية أغوائك.”
-نكتفي بهذا القدر، تلك الأعمال الورقية، أما الأعمال الإلكترونية أكثر بكثير فلا استطع عرض مُقتطفات من كُل هذا.
_ما هو منظوركِ للعلاقة بين الكاتب والقارئ، وهل هى علاقة متبادلة أم الكاتب هو الطرف الذى يقدم؟
أرى أن العلاقة بين الكاتب والقارئ علاقة قوية ويُبنى على أساسها الكثير، والكاتب ليس فقط الطرف الذي يقدم، القارئ أيضًا يقدم لأن بدون تشجيع القارئ لم يستطع الكاتب الاستمرار قط، القارئ دائمًا هو الوقود لتلك المسيرة.
_ما هو العامل الأساسي الذي دفع الكاتب لاستمرار والتطوير من ذاتها، وما نصيحتكِ لكل المبتدئين؟
العامل الأساسي الذي دفع الكاتب للأستمرار والتطوير من نفسه هو التحدي والحلم، حلم الوصول والسعي هُما أكثر شيء يدفع الكاتب للتطوير كي يستمر ويُحقق هذا الحلم، ونصيحتي لكُل المُبتدئين أولًا ألا يتوقفا أبدًا مهما كانت العقبات ومهما أصابهم الإحباط، وأن يطوروا من نفسهم دائمًا ولا يتوقفوا عن التعلُم أبدًا.
_ما هو مفهومك عن الكتابة أو الأدب بشكل عام؟ وهل من مقولة تاثرتِ بها؟
مفهومي عن الكتابة والأدب بعد أنهما موهبة وهواية أولًا ولا يستطيع من لا يملكهما خوض تجربة الكتابة، هما شيء سامي وراقٍ، شيء لا يستهان به وأن كُل حرف يقوم الكاتب بكتابته يجب أن يكون مدروس جيدًا، يجب أن يعلم أنه لا يكتُب لمُجرد الكتابة، وأنه يُشارك في بناء التاريخ، ويجب أن يكون قادر على تلك المهمة.
_وبالنهاية بما يود أن ينهي الكاتبة حواره معنا.
وفي النهاية أود توجيه الشكر للجريدة وللصحفية المُتميزة داعية الله تعالى أن يوفقهما ويُسدد خطاهما.
ومنا نحن مجلة إيفرست الأدبية نتمنى التوفيق والنجاح الدائم للكاتبة بسمة ممدوح فيما هو قادم لها إن شاء الله.
المزيد من الأخبار
شروق علي.. من القليوبية إلى أبرز منصات الإعلام.. قصة نجاح بنت العشرين
لقاء مع الكاتبة الروائية بسنت محمد عمر: رحلة شغف وحلم يتحقق
الكاتبة تغريد أحمد بحوار داخل مجلة إيفرست الأدبية