كتبت منة اللّٰه سعد عتمان
في الصباح التالي لليلة أن قتلت نفسي استيقظت .
أيقظتني حينها زقزقة العصافير على شرفة غرفتي؛ لطالما كانوا هم أصدقائي، يأتون كل صباح لدندنة ألحانهم الهادئة التي كانت لها أثر الحياة على مسمعي،
جلست على سريري أتأمل أركان غرفتي، نظرة طويلة لأشيائي وكأني أراها للمرة الأولى ،
إلى ستارة غرفتي التي تلوح بفعل هزيز الرياح، إلى كتبي المبعثرة وسجادة صلاتي، وفي الخارج صوت شيخي المفضل يتلو “اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ “
تمنيت حينها لو أني لم أقتل نفسي، لم أستسلم، ولم أُقدم على ذاك الفعل الذي قد أفقدني إيماني،
تذكرت أني لم أحقق أحلامي البسيطة بعد،
لم أذهب في رحلة طويلة لبحيرة هادئة وأنتظر حتى أرى الغروب،
لم أتزلج على رمالٍ ناعمة كنعومة يديَّ المتعبتين،
لم أركب على ظهر جوادٍ ينطلق بي وأطلق أنا معه العنان لأفكاري،
صباحًا أن قتلت نفسي تذكرت أني قضيت ليالي،
تناثر فيها جسدي إلى مليون علامة استفهام،
وكنت انا الشاهد الوحيد على تلك الجريمة التي ارتكبها عقلي بي، وقضاء صباحاتي في لملمة شتاتي من جديد.
تذكرت أيضًا أني كنت دائما ملاذ المُرهَقين؛ ليسترِيحوا من أرق الحياة، كنت مُلتقىٰ الأرواح لمن فقدوا أرواحهم ألمًا؛ لكن في النهاية أزهقوا روحي خذلانًا، وطعنًا بالغدر في أضلعي،
صباحًا بعد أن قتلت نفسي ذهبت لأرجوحتي القديمة التي حَوَتْ ذكريات طفولتي، وقفت أمام شجرة الليمون التي كنتُ قد نقشت عليها اسمي مبتسمًا،
وفي النهاية أغمضت عيني مودعةً الحياة، و تحررت روحي من كل ذكرياتها، سواءً حلوة كانت أم موجعة.
المزيد من الأخبار
وتفاقمت المسافات
وتفاقمت المسافات
وتفاقمت المسافات